يعيش المغرب وضعا مقلقا بسبب توالي سنوات الجفاف وقلة التساقطات المطرية، ما أسفر عنه في الأيام الأخيرة نقصا ملحوظا في اللحوم الحمراء وإمدادات الحليب.
وفي هذا الصدد، نبه مهنيون في القطاع من الخصاص في اللحوم، محذرين من انتشار الذبيحة السرية، بسبب تراجع إنتاج هذه المادة في الشهور المقبلة، مقارنة مع السنوات الماضية، وذلك بسبب مجموعة من العوامل أهمها غلاء الأعلاف. كما دق هؤلاء ناقوس خطر بشأن نقص إمدادات الحليب.
ويطالب هؤلاء المهنيون الحكومة باتخاذ إجراءات مستعجلة وإشراك جميع المتدخلين والفاعلين في قطاع اللحوم من أجل تجاوز هذا الوضع المقلق، وذلك بفتح باب استيراد الأبقار من الخارج.
وفي السياق ذاته، حذرت كل من الجمعية الوطنية لتجار اللحوم الحمراء بالجملة في المغرب والجمعية الوطنية لتجار اللحوم بالتقسيط من منع ذبح الأبقار غير الولود ولا تعطي الحليب، مشيرة إلى أن هذا الأمر من شأنه أن يزيد في تفاقم أزمة الخصاص في اللحوم.
الاستيراد هو الحل
وقال عبد العالي رامو، رئيس الجمعية الوطنية لتجار اللحوم الحمراء بالجملة، في حديث مع موقع "سكاي نيوز عربية"، إن الهدف الرئيسي من فتح باب استيراد الأبقار الأليفة الجاهزة للذبح التي يفوق وزنها 550 كلغ ليس هدفه المضاربة، لكن خفض ثمن اللحوم الحمراء بالجملة والتقسيط، وإنقاذ الكسابة والجزارة من الإفلاس ودعم القدرة الشرائية للمواطن المغربي.
وأضاف رامو: "يجب إشراك جميع المهنيين العاملين في القطاع ضمانا لمنافسة شريفة، كل هذا من أجل مصلحة المستهلك".
واسترسل رئيس الجمعية: "نطالب وزير الفلاحة بأن يحدث وزير المالية بخصوص إلغاء الضريبة على القيمة المضافة على استيراد الأبقار علما أننا نعيش حاليا في ظرفية صعبة تستوجب تضحية من الجميع".
ودعت الجمعيتان المذكورتان وفق بلاغ اطلع عليه موقع "سكاي نيوز عربية"، إلى "فتح الباب أمام من لهم القدرة على الاستيراد من قصابة وجزارة وألا تنحصر هذه العملية على جهات بعينها، خصوصا أن منها من كان سببا في أزمة غلاء اللحوم خلال شهر رمضان سنة 2017، وتريد اليوم احتكار هذه العملية".
مطالب بتدخل عاجل
انطلاقا من هنا تطالب الجمعيتان كلا من رئيس الحكومة ووزيري الفلاحة والداخلية والمدير العام للمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، ورئيس الفيدرالية البيمهنية للحوم الحمراء ورئيس الكونفدرالية المغربية للفلاحة والتنمية القروية ومدير مديرية تنمية سلاسل الإنتاج، باجتماع طارئ والتدخل العاجل من أجل إيجاد حلول.
أما فيدرالية منتجي الحليب والمنتجات الفلاحية، فقد أوضحت أن الإنتاج الوطني من الحليب فقد أكثر من 60 بالمئة، و أن التعاونيات التي كانت تنتج 4 آلاف لتر من الحليب أصبحت الآن تنتج ما بين 700 و600 لتر فقط، فيما من كانت تنتج ألفي لتر لا يتعدى إنتاجها الحالي 300 لتر من الحليب.
رابح رابح
وفي هذا السياق، عزا أحمد حمد بوركيزية، رئيس فيدرالية منتجي الحليب والمنتجات الفلاحية، الأسباب إلى عدم قدرة الفلاحين على مواكبة غلاء أسعار الأعلاف، وأن أكثر من نصف الفلاحين الذين كانوا منخرطين في الجمعيات الفلاحية باعوا أبقارهم بسبب الغلاء، وتوجه الرعاة الصغار الذين كانوا يرعون بجانب الطريق نحو المدن.
وشدد رئيس الفيدرالية على أنه لا يمكن للفلاحين الرجوع إلى إنتاج الحليب بعد فقدانهم الثقة وبيع أبقارهم إلا إذا تحققت المطالب منها إبرام عقود جديدة تضمن حقوق المنتج والمصنع رابح رابح، وتخفيض أثمنة الأعلاف المركبة إلى ما كانت عليه من قبل.
يشار إلى أن فرق ومجموعة المعارضة بمجلس النواب رفضت قرار وزارتي الفلاحة والداخلية منع ذبح الأبقار الحلوب، وطالبت بالتراجع عن "هذا الاختيار الانفرادي الضار بالفلاحين ومداخيلهم من تربية المواشي".
وأكدت الفرق، في جلسة الأسئلة الشفهية الخاصة بوزير الفلاحة، استمع "سكاي نيوز عربية" لتفاصيلها، الأسبوع الجاري، أن "توفير الحليب أمر مهم، لكن لا يجب أن يتم على حساب مصالح المهنيين".
ونبه النواب إلى أن "هذا الأمر سيكرس انتشار الذبيحة السرية، ويساهم في رفع أسعار اللحوم مما قد يهدد الأمن الغذائي للمغاربة"، وطالبوا بتفسيرات حول منع الذبح وتحفيز الاستيراد.