عرفت الساحة الثقافية في الجزائر انتعاشا في الإصدارات الأدبية خلال السنوات القليلة الأخيرة، بفضل أقلام شابة تحدت انتشار استخدام منصات التواصل الاجتماعي وحولتها إلى عامل مساهم في التعريف بالكتب الورقية ورفع معدلات القراءة.

وأعاد حجم الإصدارات النقاش حول واقع الأدب الجزائري في ثوبه الجديد، خاصة الذي يكتبه الشباب، كما يعبر في الجهة المقابلة عن عودة قوية للأقلام الإبداعية إلى الواجهة عبر بوابة الرواية، مقارنة بالقوالب الأدبية الأخرى كالقصة والشعر.

موجة إصدارات

وأكد الأديب الجزائري واسيني الأعرج أن "الساحة الثقافية بالجزائر شهدت في السنوات الأخيرة موجة من الإصدارات الروائية وصلت إلى أزيد من 500 رواية"، لكنه تساءل في الوقت ذاته عن مصير هذه الأعمال الجديدة، في إشارة إلى مدى متابعة دور النشر لها، علاوة على محدودية ما وصفها بـ"الغربلة النقدية".

وفي حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية"، لم يحصر الأعرج صاحب رواية "كتاب الأمير"، هذه الظاهرة بالجزائر فقط، وإنما قال: "تصدر في فرنسا مثلا ما بين 600 إلى 700 رواية سنويا، لكن الروايات التي تنال الحظوة من النقد والجوائز تعد على الأصابع".

ودعا الأعرج الذي ترجمت أعماله إلى العديد من اللغات الأجنبية، إلى "الإصغاء لنصوص الشباب والاهتمام بها، لأن تهميشها حكم عليها بالموت".

وتابع: "إصدار 500 رواية حق طبيعي للإنسان في التعبير، لكن في الوقت نفسه لن تجد كلها طريقها للقراءة. النص المميز وحده يجد الاهتمام".

في المستقبل.. هل سنحتاج للروايات؟

الجيل الجديد

وبعد سنوات من تكريس بعض الأسماء في المشهد الأدبي، قفزت أقلام شابة إلى صدارة الساحة الأدبية في الجزائر، إذ فرضت نفسها بمواضيع تحاكي الواقع، وعادة ما يمثل صالون الجزائر الدولي للكتاب فرصة من ذهب لهؤلاء المبدعين الشباب، لعرض إنتاجهم وخلق فرصة للتواصل مع القراء ووسائل الإعلام.

ويعتقد الكاتب والروائي سعيد خطيبي أن "الرواية صارت مقصد كل من يريد دخول حلبة الكتابة، ومع تراجع النقد بات الوضع يعج بنوع من الفوضى"، مستطردا في الوقت ذاته: "مع ذلك هناك بعض الأسماء التي كرست حضورها في السنين الأخيرة، بإيقاع إصدارات منتظم وباشتغالها على مشروع واضح الملامح".

وبخصوص أرقام الإصدارات الروائية السنوية بالجزائر، قال خطيبي صاحب جائزة "ابن بطوطة لأدب الرحلة" لسنة 2015، في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية": "لا بد أن نقر أنها تظل قليلة في بلد بحجم الجزائر وتعدادها الديموغرافي. الوضع يحتاج ديناميكية أكبر".

ومن جهة أخرى، يرى رفيق طيبي، وهو أحد الكتاب الجزائريين الشباب الذين اقتحموا ميدان النشر، أننا "بصدد بروز جيل تتوفر لديه كل المعطيات لصناعة الفارق، وملامح تقدمه واضحة الآن"، مشيرا إلى بروز الرواية الجزائرية عبر حضورها في الخارج، مع الاعترافات المتتالية التي حصلتها خلال السنوات الأخيرة.

وحول اهتمامات الجيل الجديد من الروائيين، قال طيبي لموقع "سكاي نيوز عربية" إنها "متنوعة. نكتب أحيانا عما سمعنا عنه فقط وما استلمناه من التاريخ. قد يكون التاريخ الجزائري القريب، فعدد معتبر من الكتاب يستعيدون الثورة والعشرية السوداء وأوقاتا جزائرية متنوعة، وقد يكون التاريخ القديم بما فيه من موضوعات بإمكانها أن تصنع نصوصا قوية ومنافسة".

أخبار ذات صلة

وفاة الأديب المصري البارز بهاء طاهر
لبنان.. أزمات متتالية تضرب سوق الكتاب في مقتل

هل تخدم المنصات الرقمية الأدب؟

وأجمع المعلقون على أن منصات التواصل الاجتماعي من شأنها خدمة الأدب وتعزيز حضوره، مؤكدين على ضرورة إعادة استخدام هذه الفضاءات الافتراضية وتحويلها لصالح العمل الإبداعي، لكن من دون أن تكون بديلا عن الكتاب الورقي.

ودعا الأعرج إلى استغلال بعض التطبيقات مثل "تيك توك"، مقترحا على الكتاب تحويل حساباتهم للتعريف بالنصوص الإبداعية، لكن بإيجاد الطريقة الأمثل وسط هذه الشبكة المعقدة التي تحتوي ملايين الأصوات.

ويرى خطيبي أن "مواقع التواصل الاجتماعي باتت ضرورة، في ظل شح المكتبات وتراجع الصحافة الثقافية"، مشيرا إلى أن "الجزائر لا تتوافر على مكتبات سوى في المدن الكبرى في الغالب، وسلسلة توزيع الكتب متعثرة".

في حين يعتقد طيبي أن "منصات التواصل الاجتماعي يمكن أن تروج للأدب وتعرف به، لكن لا يمكن أن تكون وسيلة بديلة لأي شيء يتعلق بالفن. هي منصات للمعارف السطحية والعابرة، أما المعارف الحقيقية والعميقة ففي الكتب".