ارتفعت في الأسابيع الأخيرة وتيرة هجمات النشطاء البيئيين على لوحات لكبار الرسامين في المتاحف الأوروبية، فلا يكاد يمر يوم دون وقوع اعتداء على لوحة في أحد المتاحف الأوروبية.
هذه الخطوات التي يقول منفّذوها إنهم يسعون من خلالها إلى التوعية بالأزمة المناخية، تثير انتقادات من جهات كثيرة من عالم الفن حول العالم، ترى فيها أعمالاً "تخريبية" ذات "مردود عكسي".
اعتداءات متكررة
أحدث الاعتداءات كانت يوم السبت قبيل انطلاق قمة المناخ في شرم الشيخ المصرية، عندما ألقت ناشطات في روما، حساء على لوحة "الزارع" لفنسنت فان غوخ، التي رسمها عام 1888 ويبدو فيها فلاح ينثر البذور في حقله مع شمس ضخمة في الخلفية، إلا أن القطعة المحمية بالزجاج والموجودة ضمن معرض مخصص للرسام الهولندي في «بالاتزو بونابرت» في بياتزا فينيسيا وسط روما، لم تتعرض لأي أضرار.
وأظهر مقطع فيديو صور داخل المعرض شابتين ترميان مادة سائلة في اتجاه اللوحة. ثم انضمت إليهما امرأة أخرى ولصقن أيديهن على جدار الغرفة وسط صرخات السخط من الزوار.
وقبلها بيوم واحد، ألصقت ناشطتان مناخيتان يديهما، على إطاري لوحتين للرسام الإسباني غويا في متحف برادو في مدريد احتجاجاً على عدم تحرك السلطات للحد من الاحترار المناخي.
وفي مقطع فيديو نشرته حركة "إكستنكشن ريبيلين" البيئية التي تتبع أسلوب العصيان المدني، ظهرت إحدى الناشطتين في قاعة من المتحف تلصق يدها على إطار إحدى اللوحتين، فيما راحت الثانية تكتب "+ 1,5 درجة مئوية" على الجدار قبل أن تلصق يدها على اللوحة الثانية.
زيادة الحماية
وطالب وزير الثقافة المصري الأسبق الدكتور حلمي النمنم، بزيادة الإجراءات الأمنية في المتاحف الكبرى حول العالم، من أجل التصدي لظاهرة الاعتداء على اللوحات الشهيرة من جانب نشطاء المناخ بدعوى زيادة التوعية بقضية التغيرات المناخية وتأثيرها على البشرية.
وقال النمنم، لموقع سكاي نيوز عربية، "إن بعض الذين يتبنون قضية معينة يتصورون أن الدفاع عن قضيتهم يتم بإحداث نوع من التدمير أو التخريب في جوانب أخرى، ليس فقط في قضية المناخ بل في كثير من القضايا، وهو أمر يحتاج إلى دراسة معمقة من المحللين النفسيين والخبراء."
وحذر الوزير الأسبق، من انضمام مخربين أو مزورين ولصوص إلى هذه الجماعات بغية سرقة هذه الأعمال الفنية التي لا تقدر بثمن.
ودعا إلى فرض حماية اللوحات وألا تترك هذه المتاحف واللوحات كي تكون عرضة للاعتداء، ويجب على الجهات الأمنية أن تقوم بدور أكبر مما يحدث حاليا، لأنه لا يمكن السماح لنشطاء المناخ بالاعتداء على بنك مركزي أو قاعدة عسكرية، لذلك ينبغي فرض حماية كبيرة على المتاح.
وأشار إلى أن التوعية بقضايا المناخ هو أمر هام ومشروع، ولكن لا يمكن أن يتم الأمر من خلال الاعتداء على التراث الفني وتخريبه.
أعمال تخريبية
والأسبوع الماضي، قال متحف موريتشويس في لاهاي حيث تعرضت لوحة "الفتاة ذات القرط اللؤلؤي" ليوهانس فيرمير، لهجوم على يد ناشطين من مجموعة "أوقفوا النفط"، إن "الفن لا يمكنه الدفاع عن النفس".
وقد ألصق الناشطون أيديهم على جدار حماية اللوحة قبل سكب ما يشبه صلصة الطماطم عليها، ما ألحق أضراراً طفيفة بإطار اللوحة، وفق المتحف.
وقال الرئيس الفخري لمركز بومبيدو في باريس برنار بليستان، إن "جميع المسؤولين في المتاحف يتخذون منذ وقت طويل تدابير ضد الأعمال التخريبية. هل يجب تعزيزها؟ بالتأكيد".
وأضاف "قبل الوصول إلى هناك، يجب بلوغ مستوى من الوعي بأن هذا الأمر محبط ولا يقود إلى أي مكان".
زيادة الحذر
واعتبرت وزيرة الثقافة الفرنسية ريما عبد الملك في تصريحات لصحيفة "لو باريزيان" الفرنسية، أن "هذا الأمر مريع! كيف يمكن لمنطق الدفاع عن المناخ أن يقود إلى تدمير عمل فني؟ هذا عبثي تماما".
وأشارت إلى أن فرنسا "ليست بمنأى عن مهاجمة ناشط ما فاقد للمنطق للوحة" غير محمية، داعية "كل المتاحف الوطنية إلى زيادة الحذر".
وفي نهاية مايو، تعرضت لوحة الموناليزا الشهيرة الموضوعة منذ 2005 خلف زجاج مصفح، لهجوم رمى خلاله شخص ادعى أنه مُقعد كعكة على الزجاج العازل للوحة، عازياً خطوته إلى رغبته في الدفاع عن "الكوكب"، قبل وضعه في مصحة للأمراض النفسية.
لوحات أخرى
- لوحة "الرحى" لكلود مونيه في متحف باربيريني بمدينة بوتسدام الألمانية
- لوحة "دوار الشمس"لفان غوخ في متحف "ناشونال غاليري" في لندن
- لوحة "العشاء الأخير" لليوناردو دافنشي في الأكاديمية الملكية للفنون بلندن
- لوحة أشجار الخوخ في بلوسوم لفينسنت فان غوخ في متحف بالعاصمة البريطانية لندن.