بملامح سمراء هادئة وابتسامة على جبهتها، أقبلت على منزلقات الحياة المفاجئة، فليس هناك وقت للراحة ولا سبيل لكسب الرزق إلا بالسعي والكد والتعب.

تقلبات الحياة أجبرت الفتاة المصرية ذات الـ37 عاما أن تخوض معترك الحياة، معتمدة كل الاعتماد على قدرتها البدنية في مهنة شاقة يتجنبها الرجال الأصحاء، غير أن الكسب الحلال جعلها تطمح إلى القدوم على العمل المنهك، فباتت إبتسام بين عشية وضحاها أول "ديليفري" في محافظة دمياط شمالي القاهرة، كاسرة بذلك التقاليد المعروفة عن هذه المهنة.

انفصال مفاجئ

في حديثها لموقع "سكاي نيوز عربية"، تؤكد "أم روان" كما هي شهرتها بين أبناء بلدتها، أن ظروف الحياة فرضت عليها هذه المهنة الشاقة، حيث إنها وبمجرد الانفصال عن زوجها كان في عاتقها طفلان في مرحلة الدراسة ووجب عليها أن تنفق عليهما.

تقول أم روان: "في البداية ولأنني لم أكن أملك أن أشتري أي وسيلة مواصلات، كنت أوصل الطلبات سيرا على الأقدام، وأذهب بشكل متواصل إلى المحال التجارية أستطلع هل يرغب أحد الزبائن في (ديليفري) أوصله إلى منزله مقابل مبلغ زهيد".

وتضيف: "في سبيل ذلك، كنت أصعد الأدوار العليا وأنا أحمل الطلبات للزبائن. أتحمل مشقة التعب البدني في سبيل تحصيل الأموال لأنفق على نفسي وابنيّ، فلا وقت للراحة".

أخبار ذات صلة

مصرية تكسر المألوف.. وتصبح أول محاضرة دولية في الملاكمة
بطولة من نوع خاص.. مصرية تصنع من مرضها النادر حياة ملهمة

وتواصل أم روان: "عامان كاملان تحملتهما بحلوهما ومرهما كي أتمكن من توفير دراجة بخارية صغيرة، تعينني على توصيل الطلبات سريعا، لتحقيق راحتي من جهة وسهولة الوصول إلى الزبائن من جهة أخرى".

وخلال العامين، والحديث لا يزال على لسان أم روان، "كنت قد اكتسبت شهرة واسعة داخل محافظة دمياط، التي استقبلت الأمر في بدايته بشيء من الاستغراب، لكن سرعان ما تعاون الكثير معي وباتوا يطلبونني بالاسم بعد أن ارتبط اسمي لديهم بالأمانة والسرعة".

لكل امرأة تكافح

لا مضايقات

ولم يكن تقبل فكرة المرأة التي تعمل في مهنة "الديلفيري" في دمياط سهلة، غير أن أم روان أكدت أنها لم تتعرض لأي مضايقات من أي نوع، بل كان زبائنها دائما يشيدون بجرأتها في اقتحام مهنة الرجال، والنجاح فيها بشكل لافت.

ولم يقتصر مجهود أم روان التي تقيم في مدينة دمياط الجديدة، على مدينتها فقط، بل امتد عملها لأنحاء المحافظة، وباتت توصل طلبات الزبائن حتى في المدن والقرى التابعة للمحافظة التي تبعد عشرات الكيلومترات عن مكان إقامتها.

وتقول: "أستثمر دائما في ابنيّ، لذلك أحرص على أن يتلقيا التعليم الأمثل، ورغم صغر سني فلدي ابنتي الكبرى 16 عاما وابني الأصغر 13 عاما، الذي أكرس لهما حياة هادئة كي يحصدا الدرجات النهائية في مراحلهم الدراسية، وبذلك أكون قد حققت مبتغاي فيهما".

وعن حلمها الشخصي تقول أم روان: "هو قائم على التوسع ولو قليلا في مهنتي، حيث أحلم أن أحصل على محل صغير أضع فيه بضائع الزبائن كي أستطيع أن أعيد إيصالها بسهولة، لا سيما في تلك الأشياء التي أصدر للسفر لأماكن بعيدة لاستلامها".