في ظل القلق المتزايد من ارتفاع معدلات الطلاق في المغرب، انطلقت القوى الحية داخل المجتمع في التحرك من أجل البحث عن حلول كفيلة بالحد من الظاهرة ووقف نزيف التفكك الذي تعيشه آلاف الأسر داخل المجتمع.
في هذا الصدد، وقعت كل من الجمعية المغربية لتنظيم الأسرة وصندوق الأمم المتحدة للسكان والهيئة الوطنية للعدول، اتفاقيتين لتأهيل المقبلين على الزواج وتوعيتهم بشأن أسس تكوين الأسرة متكاملة
ويشهد المغرب ارتفاعا في عدد حالات الطلاق، حيث سجلت 26.957 حالة سنة 2021، مقابل 20.372 حالة سجلت سنة 2020، وفق معطيات رسمية.
التحسيس بالمسؤوليات والحقوق
وكان وزير العدل عبد اللطيف وهبي، قد أكد أن إخضاع الأزواج لدورات تأهيل "تهئيهم للحياة الزوجية، والتربية الجنسية، والصحة الإنجابية، وتنظيم الأسرة، سيساهم في استقرار المجتمع".
واعتبر الوزير، خلال كلمة تليت بالنيابة عنه خلال التوقيع على الاتفاقيتين، أن "إخضاع الأزواج لدورات تأهيل في الحياة الزوجية، سيساهم في بناء أسرة سليمة والحفاظ على كينونتها، كما سيكون له انعكاس إيجابي في الحد من ارتفاع حالات الطلاق والتطليق بين حديثي الزواج".
يقول محمد امعيدي، نائب رئيس الهيئة الوطنية للعدول بالمغرب، إن تنظيم دورات تأهيلية لفائدة المقبلين على الزواج بات اليوم أمرا ملحا بسبب ارتفاع نسب الطلاق في بلادنا وانعكاساته على توازن واستقرار الأسر داخل المجتمع.
ويضيف امعيدي، في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن هذه الخطوة تأتي لتصحيح واقع يطبعه غياب الخبرة والمعرفة الكافية بالحياة الزوجية، سواء في شقها المرتبط بالتربية الجنسية أو بالصحة الإنجابية أو بكيفية تدبير الشأن الأسري وإنجاح العلاقة الزوجية خصوصا في البوادي.
ويتابع المتحدث، أن احتكاك العدول بالمقبلين على الزواج يمنحهم فرصة التواصل مع أكبر عدد من الشباب للقيام بدور التوعية والتحسيس بالمسؤوليات والحقوق المترتبة عن عقد الزواج، بهدف المساهمة في الحفاظ على الاستقرار والتماسك الأسري.
ويشير امعدي، إلى أنه سيتم في مرحلة أولى العمل على تأطير العدول وتكوينهم للقيام بمهمة تأهيل المقبلين على الزواج فيما سيتم تقييم نتائج هذه المبادرة في غضون ثلاثة سنوات المقبلة.
أهمية تأهيل الأزواج الجدد
وكان متابعون ومهتمون بقضايا الأسرة في المغرب قد طالبوا بضرورة تمكين الشباب المقبل على الزواج من دورات تدريبية بغية مساعدتهم على إدراك المسؤوليات المشتركة والتعرف على أساسيات بناء أسرة مستقرة.
وتؤكد رئيسة جمعية التحدي للمساواة والمواطنة، بشرى عبدو، على "أهمية تأهيل الراغبين في الزواج نفسيا واجتماعيا، وبأن اعتماد المملكة على مراكز مختصة في هذا المجال أصبح ضروريا، حتى يحفظ لمؤسسة الزواج طابعها القدسي ويكفل لها مكانتها الطبيعية المبنية على الود والمسؤولية والاحترام المتبادل".
وترى عبدو، في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية" أن هذه المراكز مرشحة لتلعب دورا أساسيا في تقويم الفهم الخاطئ للروابط الزوجية لدى بعض الشباب ومساعدتهم على فهم واستيعاب المسؤوليات المشتركة، وما يقتديه ذلك من إدراك لما لهم من حقوق وما عليهم من واجبات، بغية تدعيم الترابط بين الزوجين، وتمكينهم من اكتساب مهارات تمكنهم من تجاوز الخلافات الزوجية عبر الحوار الفعال والإيجابي.
كما تشدد المتحدثة على أهمية إنشاء مؤسسات للوساطة تكمن مهمتها في التدخل لرأب الصدع بين الزوجين وفض النزاع دون اللجوء إلى طرق أبوب المحاكم، خصوصا عندما يتعلق الأمر بأسباب بسيطة لا تبرر الطلاق.
ارتفاع حالات الطلاق
وكانت بيانات حديثة لوزارة العدل قد أظهرت أن عدد حالات الطلاق في المغرب قد شهدت ارتفاعا ملحوظا خلال سنة 2021، حيث سجلت 26.957 حالة طلاق بارتفاع بلغ 6585 حالة مقارنة بـ2020.
وسجلت المحاكم المغربية 26.914 حالة طلاق بالتزامن مع دخول مدونة الأسرة (قانون الأحوال الشخصية) حيز التطبيق سنة 2004، لينتقل العدد إلى 20.372 حالة سنة 2020، قبل أن يشهد من جديد ارتفاعا قارب 27 ألف حالة سنة 2021.
وحسب معطيات وزارة العدل فإن الطلاق الاتفاقي (إنهاء الزواج بالتراضي) يشكل النسبة الأعلى من حالات الطلاق في المملكة، حيث ارتفع من 1860 حالة في سنة 2004 إلى 20.655 ألف حالة في سنة 2021.