تحدث المخرج الجزائري صلاح إسعاد، في لقاء مع موقع "سكاي نيوز عربية"، عن تجربته في إخراج فيلم "سولا" الذي حاز على العديد من الجوائز العالمية، مبرزا أهمية السينما المستقلة في مسار المخرجين من جيله من الشباب.
بَرز مؤخرا في الساحة السينمائية الجزائرية والعربية، اسم المخرج الجزائري الشاب صلاح إسعاد، مخرج فيلم "سُولا"، كأحد أهم المخرجين الواعدين، الذين حملوا معهم مشروعا سينمائيا مستقلا، استطاع حصد العديد من الجوائز العالمية.
أكثر من 14 جائزة عالمية
وقد انطلق "سولا" بسرعة البرق في رحلة نيل الجوائز، من مهرجان فينيسيا إلى المهرجانات الدولية والعربية، حيث حاز في سنة واحدة على 14 جائزة من بينها ثماني جوائز أحسن فيلم.
ولا يزال مشوار الفيلم متواصلا، حيث شارك مؤخرا في مهرجان الفيلم الأميركي الفرنسي بلوس أنجلوس والذي سيعلن عن نتائجه في الثاني من نوفمبر القادم.
كما سيشارك الفيلم هذا الأسبوع بالمهرجان الدولي للأفلام بمدينة سانتا في أميركا حيث ستعلن الجوائز يوم 23 أكتوبر القادم وغيرها من المهرجانات في أوروبا، إفريقيا، أميركا اللاتينية وآسيا.
ويسرد المخرج الجزائري صلاح إسعاد لموقع سكاي نيوز عربية، بداية رحلة فيلم "سولا" مع المهرجانات، قائلا: "لم أكن أملك المال لأخرج الفيلم وقد ساعدني زملائي في الدراسة على إنجازه، بعض الأصدقاء شارك معي متطوعا".
فبعدما قام بتصوير الفيلم في الجزائر سنة 2019، أرسل نسخة غير مكتملة من الفيلم، من ناحية الصوت الموسيقى وتصحيح الألوان إلى مهرجان فنيسيا، على أمل المشاركة في المسابقة الرسمية للأفلام.
وقال إسعاد: "قبل شهر تقريبا من بداية المهرجان اتصلوا بي لإخباري، أنهم مهتمون بالفيلم ويرغبون في اختياره في المسابقة الرسمية ولكن لديهم تخوفات أن كنت قادرا على الانتهاء من وضع كل الرتوش قبل موعد العرض، وعندما أخبرتهم بأن الفيلم مستقل وأنني أجد صعوبة مادية لإنهائه، اقترحوا علي المشاركة في مسابقة "فاينل كات" THE FINAL CUT IN VENICE.
هكذا بدأت رحلة "سولا" من أعرق المهرجانات السينمائية في العالم، في مسابقة مخصصة للأفلام التي لاتزال في قيد الإنجاز حيث يختار المهرجان 6 أفلام فقط لخوض المسابقة للفوز بجوائز مالية أو خدماتية لإنهاء الفيلم في أحسن الظروف.
وقد استطاع الفيلم لفت انتباه لجنة التحكيم وشركاء المهرجان، ليحصل على 8 جوائز من أصل 14 جائزة، تلك الجوائز سمحت لسولا، بالدخول في أكبر الاستديوهات للعمل على النسخة النهائية، ليصبح جاهزا بشكل كامل.
وقال المخرج: "تجربة مهرجان فنيسيا كانت قفزة لي كمخرج وأيضا كمنتج مستقل لكي أفرض نفسي في سوق صناعة السينما سواء بالوطن العربي أوروبا".
وتدور أحداث الفيلم حول قصة حقيقية، لأم عزباء وجدت نفسها في صراع مع المجتمع بعدما أنجبت طفلتها الأولى.
لا يجب الاستهانة بالأفلام المستقلة
لقد اقتحم المخرج الجزائري عالم السينما، بعد أن درس الحقوق في بداية مشواره التعلمي في جامعة باتنة بالجزائر، لكن شغفه بالكاميرا دفعه إلى البحث عن فرصة للتكوين، حيث توجه من دراسة الحقوق إلى تخصص السينما.
وعن حكايته مع السينما عندما كان طفلا، قال صلاح: "كان والدي يملك دارا للنشر، وهو من قربني من عالم القصص والروايات، بدأت بتعلم الفوتوشوب طفلاً، ودخلت عالم الإخراج من باب الدراسة الجامعية بفرنسا حيث درست 6 سنوات قبل إخراج "سولا".
ويصف المخرج الجزائري، الأفلام المستقلة بالتجربة المهمة من ناحية التكاليف، وقال: "في عصرنا هذا يمكننا إنتاج أفلام ذات جودة وبأقل التكاليف، الأمر يحتاج إلى السيناريو الجيد والرؤية الإخراجية".
وعن مفهومه للسينما المستقلة قال: "الأفلام المستقلة يجب أن تتمتع بالاستقلالية، خاصة في سرد القصص وحرية التعبير، على عكس الأفلام الممولة التي عادت ما تدفع بالمخرجين للخضوع لدفتر شروط معين".
مشروع جديد عن "العشرية السوداء"
وقد حمس نجاح "سولا" إسعاد للرهان على القصص الإنسانية، حيث يحمل معه الآن مشروع فيلم روائي طويل جديد، في شكل دراما عائلية مستوحاة من قصص، تدور أحداثها بالجزائر بعد الاستقلال وفي زمن العشرية السوداء.
ويؤكد المخرج الشاب على أن السينما المستقلة، تشكل فرصة مهمة لا يستهان بها بالنسبة للمخرجين الشباب، خاصة من أبناء الدول العربية، حيث يصعب الحصول على فرصة لإنتاج أفلام ضخمة.
فضلا عن انعدام صناديق الدعم السينمائي في العديد من الدول العربية على غرار الجزائر التي تم فيها مؤخرا غلق صندوق الدعم السينمائي "فداتيك" لأسباب تتعلق بالسياسة المالية العامة التي قررت أن تنتهجها الحكومة الجزائرية، ذلك أنه تم تغيير آليات الدعم السينمائي بشكل كامل منذ عامين.