رغم أن مدونة الأسرة في المغرب كانت واضحة في تقييد تعدد الزوجات بشروط في حالات استثنائية، إلا أن بعض الأزواج يفلحون في خرق القانون، وذلك باللجوء إلى طرق احتيالية.
ومن بين تلك الطرق الاحتيالية استعمال هؤلاء الأزواج طلب الإذن بالزواج مرات عديدة، مستغلين عدم تضمين اسم المرأة المراد التزوج بها بوثيقة "الإذن بالتعدد".
التشدد في منح طلب التعدد
وفي هذا السياق، قرر المجلس الأعلى للسلطة القضائية التصدي لهذا التلاعب بالإذن، بمراسلة المسؤولين القضائيين بمحاكم الاستئناف والمحاكم الابتدائية ورؤساء أقسام قضاء الأسرة، ووضع حد للتحايل على القانون، والتشدد في منح طلب التعدد.
وينتظر أن تصدر رئاسة النيابة العامة بدورها دورية في الموضوع من أجل متابعة المخالفين، بهدف ضمان ممارسة مسطرة التعدد، وفق الضوابط القانونية السليمة، وحفاظا على حقوق الزوجات وكرامتهن ومنع التلاعب بالإذن بالتعدد.
وأشار المنشور القضائي، الذي اطلع موقع "سكاي نيوز عربية" على مضامينه، إلى أن المجلس توصل بمعلومات تفيد استعمال بعض الأزواج المأذون لهم بالتعدد للإذن نفسه مرات عديدة، لإبرام عقود زواج غير مأذون بها دون اللجوء إلى المحكمة لاستصدار إذن جديد بالتعدد مستغلين عدم تضمين اسم المرأة المراد التزوج بها بالإذن بالتعدد، الممنوح لهم.
استغلال ثغرة قانونية
ويتضح أن عدم تضمين أسماء المراد التزوج بهن في الإذن بالتعدد يفتح المجال أمام التحايل واستعمال الإذن الممنوح لعدة مرات، كأنه شيك على بياض وهو ما يفرغ النصوص القانونية الموضوعة لحماية الأسرة من محتواها ويفقدها نجاعتها، وفق مراسلة محمد عبد النباوي، رئيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية.
وذهب عبد النباوي إلى أن هذا التلاعب يعصف بالحقوق المقررة للزوجة في التعدد التي من حقها التعرف على الزوجة التي يعتزم زوجها الاقتران بها، وتمكينها من فرض شروط لفائدتها أو لمصلحة أطفالها عن بينة واختيار، في إطار المسطرة المنصوص عليها في المادتين 44 و45 من مدونة الأسرة، موازاة مع حق المراد التزوج بها في حالة الإذن بالتعدد في أن يشعرها القاضي قبل العقد عليها بأن من يريد الزواج بها متزوج بغيرها وترضى بذلك حسب ما هو منصوص عليه في المادة 46 من مدونة الأسرة.
وقوع المشرع في ارتباك
وفي هذا الصدد، قال عبد النور قنديسي، خبير وباحث في القانون، في اتصال مع "سكاي نيوز عربية"، إن المادتين 40 و41 جاءتا بمقتضيات واضحة بخصوص مسألة منع التعدد في الحالة التي يوجد فيها شرط الزوجة بعدم الزواج عليها، أو إذا خيف عدم العدل بين الزوجات، وهما حالتان يمنع فيهما المشرع التعدد.
وأبرز قنديسي أن المادة 41 من مدونة الأسرة حددت حالات منح الإذن بالتعدد، إذا لم يثبت لها المبرر الموضوعي الاستثنائي، وإذا لم يكن لطالبه الموارد الكافية لإعالة الأسرتين وضمان جميع الحقوق من نفقة وإسكان ومساواة.
ومن مؤاخذات الخبير القانوني أن "المشرع المغربي وقع في ارتباك حين فرض قيود على التعدد، نظرا لارتباط التعدد بمسطرة التطليق للشقاق، ذلك أنه إذا رفضت الزوجة الإذن للزوج بالتعدد وعدم موافقتها، فإن المحكمة تنتقل مباشرة إلى مسطرة التطليق للشقاق وفي هذا إجحاف كبير في حق الزوجة".
مبرر التعدد
وكانت المحكمة الابتدائية بوجدة شرقي المغرب رفضت طلب الإذن بالتعدد، لكون "شخير الزوجة لا يعد سببا موضوعيا استثنائيا لطلب التعدد، وموافقة الزوجة لا تكفي لمنح هذا الإذن".
فيما قضت المحكمة الابتدائية بالناظور في حكم لها بتاريخ 2005/06/12، بأن كبر سن الزوجة يشكل مبررا موضوعيا استثنائيا لمنح الإذن بالتعدد.