اختارت التونسية المختصة في البيولوجيا هالة بوغديري (28 عاما) الاهتمام بصنف خطير من الحيوانات في بحوثها الأكاديمية وعملها اليومي، حتى أصبحت تلقب في تونس بصديقة الزواحف، وتنشر على منصات التواصل عشرات الصور التي توثق علاقة الألفة بينها وبين الثعابين والتماسيح وغيرها من الزواحف السامة.
وتقول هالة لموقع "سكاي نيوز عربية" إنها أغرمت بالحيوانات منذ الطفولة وكان ما يستهويها منها الحيوانات المنفرة للناس والمكروهة مثل الزواحف والحيوانات الخطرة التي تعتبر أن دورها في الطبيعة غير مفهوم لدى الكثير من الناس الذين ينفرون منها ويكرهونها.
و تضيف: "كنت أشاهد الجميع ومن بينهم أفراد عائلتي العاملين في الزراعة شمال البلاد يرفضون هذا الصنف من الحيوانات ويخافون منها، وكنت أسمع الكثير عن مغامرات البعض منهم مع الأفاعي والزواحف وقصص القضاء عليها، وكثيرا ما استفزتني هذه القصص ودفعتني لأبحث عن طبيعة حياة هذه الكائنات وكيفية التعامل معها ودورها في التوازن البيئي".
وتابعت الباحثة في البيولوجيا حديثها لموقع "سكاي نيوز عربية" قائلة "اخترت التخصص في علوم الحياة والأرض ثم تعرفت على بيولوجيا الزواحف في مخابر معهد باستور وأتممت الماجستير في الايكولوجيا عندما تمكنت من الكثير من المعارف النظرية حول هذه الكائنات كان علي أن أرفقها بمعرفة ميدانية، فبدأت التدريبات في حديقة التماسيح بجزيرة جربة أين اقتربت من الزواحف وفهمت التعامل معها وعشت مغامرة ممتعة بالنسب لي".
وتؤكد البوغديري أنها اشتغلت بحوثا ميدانية حول طرق التكاثر لدى التماسيح وتابعت سلوكها عن قرب لتستنتج أنها حيوانات لا تثير الخوف ولا تهاجم الإنسان إلا في حال إحساسها بالخطر أو تعرضها للضرب.
وتضيف: أصعب الأوقات التي عشتها في تجربتي مع الزواحف كانت أثناء عملية جمع البيض لإخضاعه للتجارب المخبرية، فالتماسيح الإناث تحرس بيضها بغريزة الأم وتكتسب أثناء ذلك قوة مضاعفة عن الذكور مما يتطلب رصانة وصبر في التعامل معها تفترض تجنب الخوف وتجنب الشجاعة الهجومية في نفس الوقت.
عملت هالة وتدربت داخل حديقة التماسيح بجربة وتابعت عمليات التكاثر الطبيعي للزواحف واكتشفت فصائلها المختلفة التي تعيش في تونس أو التي تم جلبها من مناطق مختلفة من العالم.
وأوضحت في حديثها أن العناية بالزواحف الخطرة تختلف حسب الفصائل، فالزواحف غير السامة يمكن التعامل معها مباشرة باليدين والاكتفاء بتعقيمها إثر ذلك أما الثعابين السامة فيتم تحريكها بآلات خاصة تحمي من التعرض للدغتها بينما يتم تحريك التماسيح الضخمة والتي يصل طولها إلى أكثر من 4 أمتار من خلال لمسها بعصا من الخشب في مناطق حساسة في أنفها وأرجلها وتوجيهها عبر هذه اللمسات.
وأشارت البوغديري إلى أن الكثير من الأفاعي والثعابين يتم اصطيادها لاستخراج سمها واستعماله لأغراض طبية دون مراعاة ضرورة تأمين تكاثرها في ظروف طبيعية لحمايتها من الانقراض، خاصة وأن استخراج سم الزواحف الذي تستعمله لهضم الفريسة يضعفها ويؤدي بها للموت مما سمح بتصنيفها ضمن الحيوانات المحمية والممنوع صيدها بشكل عشوائي.
هذا وتواصل هالة اليوم الاهتمام العلمي بالزواحف والطيور الساحلية المائية باحثة في الدكتوراه في البيولوجيا في جامعة المجر ضمن مشروع عالمي لأبرز الخبراء في هذا الاختصاص، وتحلم الباحثة الشابة بأن تكون خبيرة عالمية في بيولوجيا الزواحف وتعمل على إيجاد حلول ايكولوجية لفصائلها المهددة بالانقراض حفاظا على التوزان البيئي.