عادت قضية التبرع بالأعضاء البشرية بعد الوفاة للساحة المصرية مجدداً، بعد إعلان الفنانة إلهام شاهين، رسميا التبرع بأعضائها السليمة بعد وفاتها.
وأعلنت شاهين من خلال صفحتها الرسمية على "فيسبوك": "من خلال التبرع سيستفيد ناس كثر، الجسد بعد الوفاة سيفنى ويكون مصيره التراب، بعد التبرع سنكون أكثر إنسانية، ونُخفف من آلام الكثيرين ونحميهم من الحياة التعيسة، لابد وأن يكون لدينا هذا الوعي الإنساني".
واحدة من الذين حركوا المياة الراكدة خلال الأيام الأخيرة، هي دينا رضا التي استطاعت توثيق أول توكيل للتبرع بأعضائها بعد الوفاة في الشهر العقاري المصري.
تغلّبت دينا على عدد من العراقيل التي أشارت إلى أن أبرزها، "عدم وجود ثقافة التبرع بعد الوفاة، والثقافة الشعبية الموجودة في النفوس الخاصة بعدم الاقتراب من جثة المتوفى، وعدم معرفة العاملين في الشهر العقاري بقواعد التبرّع والتوثيق"، حسب قولها.
وتابعت: "أسمع عن تلك الفكرة منذ سنوات طويلة، وأنها مطبّقة في أميركا، ما نتحدث فيه هو أمر بديهي لأن الجسد بعد الوفاة لا يشعر، وما نطالب به هو عدم إعطاء أي مريض أي شيء تحتاجه في حياتك، لأنني دائماً أرى أنه على الجميع التمتّع بالصحة والعيش بأفضل صورة".
وأضافت: "البعض يرى أن تلك الفكرة كئيبة، ولكنها حب إيجابي لا مثيل له، هناك سيدة قامت بعمل وثيقة مغلقة للتبرع بأعضائها بعد الوفاة منذ شهرين تقريباً".
وتمنت أن يستمر المجتمع في مناقشة القضية، لأن هناك آلاف المصابين يحلمون بالنجاة، مضيفة: هناك العديد من الأطفال لم تتجاوز أعمارهم الـ8 سنوات، ويتمنون التبرع بقرنية ليعيشوا حياتهم المتبقية في نور.
وأكدت أول مصرية توثق توكيلاً رسمياً للتبرع بأعضائها بعد الوفاة: "المصيبة تكمن دائما في الموت وغياب الشخص المحبب لنا عن التواجد في حياتنا، وليس التبرع بأي شيء من جسده، الحب هو معرفة أن تلك الأعضاء ستكون السبب في نجاة كثيرين، ليستكملوا حياتهم بدون ألم".
وأردفت دينا في حديثها مع موقع "سكاي نيوز عربية": "الأهل احترموا رغبتي للغاية، بعضهم انزعج مما أقدمت عليه، لكن الأغلبية تفهموا رغبتي وأن الفكرة تكمن في إنقاذ أرواح أخرى، في الوقت الذي كان بعضهم يرون أن هذا خيالاً، ولكن ما كان يشغل بالي هو الفكرة والاقتناع والإيمان بها".
ماذا يقول القانون؟
ومن الناحية القانونية، يقول المحامي والباحث القانوني المستشار عبد الرازق مصطفى إن "المادة 61 من الدستور المصري الحالي، تحدثت عن كيفية التبرع بالأنسجة والأعضاء، وجاء فيها أن التبرع بالأنسجة والأعضاء هبة للحياة، ولكل إنسان الحق في التبرع بأعضاء جسده، أثناء حياته أو بعد مماته بموجب موافقة أو وصية موثقة".
وتابع مصطفى في حديثه مع موقع "سكاي نيوز عربية": "وفقاً للمادة 61 فإن الدولة تلتزم بإنشاء آلية لتنظيم قواعد التبرع بالأعضاء وزراعتها وفقا للقانون، كما أنه وفقاً لنص القانون 5 لسنة 2010، والخاص بإصدار قانون تنظيم زرع الأعضاء البشرية، وتعديلاته، فإن التبرع يجب أن يكون صادراً عن إرادة حرة خالية من عيوب الرضا ومثبتاً بالكتابة".
ووفقاً لحديث الباحث القانوني فإن اللائحة التنفيذية الخاصة بقانون نقل الأعضاء قد حدد شروطاً للتبرع، من بينها "أن يكون هناك موافقة كتابية للمتبرع، وألا يكون المستفيد من خارج نطاق الأسرة، ولا يجوز التبرع من طفل".
وتابع: تم تحديد مستشفيات معينة بمواصفات ومقاييس معينة لنقل الأعضاء دون غيرها، ولابد أن يكون للمتوفي وصية مكتوبة بالموافقة لنقل عضو من أعضائه بعد الوفاة.
وأضاف أنه يمكن التبرع بـ "القلب، الكبد، الرئتان، الكليتان والبنكرياس، الأمعاء الدقيقة، أنسجة الجلد، القرنيتان، أنسجة العظام بما في ذلك الأوتار والغضاريف وصمامات القلب والأوعية الدموية".
ونوّه مصطفى: "من المهم للغاية مكافحة ظواهر الفقر والجهل، وإشباع المتطلبات الإنسانية الضرورية، ووضع ضوابط محددة أو معايير خاصة بسلامة المرضى لضبط عمليات نقل وزرع الأعضاء، وتفعيل دور الجهات الرقابية لمنع الكوارث التي يمكن أن تحدث في تجارة الأعضاء".
واستطرد: "يعاقب القانون المصري في المادة 17 من قانون نقل الأعضاء بالسجن وبغرامة لا تقل عن 20 ألف جنيه ولا تزيد على 100 ألف جنيه كل من نقل عضواً بشرياً، أو جزء منه بقصد الزرع، بالمخالفة لأي من أحكام المواد 2، 3، 4، 5، 7 من هذا القانون".