في إحدى عيادات التجميل بمدينة الدار البيضاء، وسط المغرب، تجلس فاطمة منتظرة دورها للقاء الدكتورة الأخصائية في طب التجميل من أجل تغيير شكل شفاهها وإجراء حقن "البوتوكس" في تجاعيد العين، بغرض إضفاء المزيد من الجمال على وجهها.
وتقول فاطمة: "أتردد بشكل دوري على هذه العيادة من أجل حقن البوتوكس أو الفيلر كلما أحسست أنني بحاجة إلى ذلك، هذا الأمر لا يدخل في إطار الرفاهية بل أصبح ضرورة بالنسبة لي، حتى لا أضطر مستقبلا إلى الخضوع لعمليات التجميل التقليدية".
وتضيف السيدة الأربعينية لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "تعديل وتحسين المظهر دون الحاجة إلى عمليات جراحة قد شجع الكثيرين على الاهتمام بمظهرهم الخارجي، خصوصا مع التطور الذي أصبح يعرفه مجال التجميل في المغرب".
فاطمة واحدة من المغربيات اللواتي أصبحن يقبلن على عيادات الطب التجميلي خلال السنوات الأخيرة، خصوصا مع ظهور تقنيات تجميلية جديدة تغني عن التدخل الجراحي.
إقبال كبير
يؤكد الأطباء المختصون في طب التجميل، أن "النتيجة السريعة والمرضية إلى جانب الأسعار المناسبة تعد من بين العوامل التي ساهمت في زيادة إقبال الأشخاص من مختلف الطبقات الاجتماعية والثقافية، على التجميل غير الجراحي خلال السنوات الأخيرة".
وتوضح الأخصائية في الطب التجميلي والتجديدي والليزر، مريام ثابت، إن "من بين أبرز التدخلات التجميلية التي تلقى إقبالا كبيرا ولا تحتاج إلى جراحة، هي شد الوجه بالخيوط للتخلص من الترهل، وكذلك شد الجفون لتحسين المظهر الخارجي للعيون، إضافة إلى ملء الفراغات في الوجه لإعطاء نضارة للبشرة".
وتضيف في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "هناك أيضا تقنيات حديثة لتغيير شكل الأنف وتجميله دون جراحة، وذلك من خلال استخدام الإبر وخيوط الشد والحقن بالفيلر أو الدهون".
من جانب آخر، تؤكد الأخصائية أن "التجميل ليس حكرا على الجنس اللطيف فقط، بل أصبح الرجال يقبلون عليه وبشكل ملحوظ"، مشددة في هذا الإطار على "ضرورة مراعاة الحفاظ على الملامح الذكورية أثناء القيام بتدخلات تجميلية خاصة بالرجال".
وتتابع: "بعض الرجال يخضعون لتدخلات تجميلية بشكل تطوعي فيما يفعل آخرون ذلك مضطرين، حيث أن العمل في بعض المجالات المهنية يفرض على النساء كما الرجال الاهتمام بالجمال، مما يدفع العديد منهم إلى طرق أبواب عيادات التجميل لتعزيز فرصهم في سوق العمل".
دور الطبيب في التوجيه
وتشدد ثابت على أن "الغاية الأساسية من التجميل تتمثل في تحسين المظهر، وليس العكس كما يقع في بعض الحالات"، معتبرة أن هذا الأمر "يعتمد على دور الطبيب من خلال توجيه المريض وعدم الانصياع وراء رغبات الأخير، التي يمكن ألا تتناسب مع شكل وجهه أو جسمه".
وتشير الدكتورة في هذا الإطار، إلى "ضرورة أن يتحلى طبيب التجميل بالضوابط المهنية المعمول بها في هذا المجال، وألا يكون هدفه الأول تجاري، أو أن يقوم بتشجع المريض على إجراء عمليات غير ضرورية".
وحول التكلفة المادية للتجميل في المغرب، تؤكد أن "الأمر يتوقف بالأساس على جودة المواد والكميات المستخدمة"، لافتة إلى أن "الأسعار تبقى مناسبة وفي المتناول مقارنة بأوروبا أو أميركا".
انتشار مراكز التجميل العشوائية
ويلاحظ خبراء وأطباء القطاع أن الإقبال على التجميل غير الجراحي أدى إلى انتشار مراكز التجميل، وبروز ممارسات غير قانونية في مجال الطب التجميلي، مما يشكل خطرا على صحة المواطنين.
ويعتبر الباحث في النظم والسياسات الصحية، الطيب حمضي، أن "إجراء تدخلات تجميلية في أماكن غير مرخصة مثل صالونات الحلاقة وغيرها هو تطاول على مهنة طب التجميل، مما قد يؤدي إلى نتائج عكسية".
ويؤكد لموقع "سكاي نيوز عربية"، أنه "رغم تسجيل بعض الخروقات في المراكز غير المرخص لها بمزاولة طب التجميل، فإن المغرب يعتبر من البلدان التي تحرص على تشديد المراقبة على هذا المجال، مما يدفع العديد من السياح الأجانب إلى اختيار المغرب لإجراء عمليات التجميل".
ويدعو الباحث في السياسات الطبية، الأشخاص الراغبين في الخضوع إلى التدخلات التجميلية، إلى "ضرورة التأكد من احترام المركز الذي ستتم فيه العملية للمعايير الطبية الجاري العمل بها، ومدى جودة المواد المستعملة، مع الحرص على إجراء العملية على يد طبيب مهني".
من جانبها، تحذر ثابت من "مخاطر اللجوء إلى مراكز التجميل العشوائية، التي تستغل مواقع التواصل الاجتماعي لنشر إعلاناتها"، مشددة على أن "هذه المراكز تخلف ضحايا بالعشرات، وقد تؤدي بعض التدخلات الخطيرة إلى الوفاة".