على مدى قرون، حافظت الحناء على رونقها وألقها في السودان؛ لأسباب يتعلق بعضها بالجوانب الجمالية وبعضها الآخر يرتبط بالطقوس المجتمعية والعلاجية.
وتنتشر المئات من صالونات نقش الحناء في العاصمة الخرطوم ومدن البلاد الأخرى، حتى أنها تدر عائدات عالية على الكثير من العاملين في المجال.
ولا يخلو اي بيت سوداني من الحناء التي تنمو أشجارها بكثرة في العديد من مناطق البلاد. وبعد قطف أوراقها وطحنها يتم تحويلها إلى عجينة تستخدم لعمل نقوش متنوعة على اليدين والقدمين لتعطي المرأة لمسة جمالية.
وتستخدم الحناء أيضا في تطبيب الجروح والعلاج من بعض الأمراض الجلدية، كما تعد من الطقوس الاجتماعية المهمة حيث تحضر في مراسم الزواج ويخصص لها يوم كامل قبل ليلة الزفاف؛ عندما يجتمع الأهل والأصدقاء لمشاركة العريس والعروس طقوس الحناء.
وتحرص النساء المتزوجات على الاهتمام بنقش الحناء على الدوام؛ فبالإضافة إلى أنها تشكل مكملا أساسيا لزينة المرأة؛ فإن عدم وضعها يدل على وجود خلافات مع زوجها في اعتقاد البعض.
كما كانت الحناء توضع على أيدي وأقدام الأطفال الذكور كجزء من طقوس الختان؛ لكن هذه العادة بدأت في الاندثار خلال السنوات الأخيرة.
سمة المرأة السودانية
وتشير الباحثة الاجتماعية، نهى مجدي، إلى أن الحناء سمة وعادة تميز المرأة السودانية عن بقية دول العالم. وتقول لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن طقوس الحناء تعتبر إرثا حضاريا وتقليدا سودانيا يصعب التخلي عنه.
وفي ذات السياق؛ توضح الباحثة النفسية، أروى عبد الله، لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن الحناء واحدة من وسائل الاسترخاء للمرأة السودانية كونها مرتبطة في العقل الباطن لها بالأفراح والمناسبات السعيدة؛ وأصبح وضع الحناء يجلب لها شعورا لا إراديا بالجمال والسعادة والراحة والثقة بالنفس.
وبرزت صالونات الحناء خلال الفترة الأخيرة كواحدة من الأنشطة التجارية التي تدر أرباحا عالية، واتجهت العديد من الشابات المتخصصات في التجميللتقديم خدمات نقش الحناء بطرق مختلفة.
ومع زيادة الطلب على ناقشات الحناء؛ فتحت بعض مراكز التجميل أقساما خاصة بالتدريب ووجدت قبولا كبيرا من الشابات الباحثات عن عمل.
وتقول خبيرة الحناء فاطمة علي لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن النقش بالحناء هو في الواقع مهنة دقيقة تحتاج إلى حرفية و تركيز عالي؛ مشيرة إلى أنها أخدت فترة تدريب سنتين حتى تمكنت من الاشتهار والدخول لسوق العمل.
ومنذ زمن بعيد، دخلت الحناء بقوة في الشعر والغناء السوداني؛ فكثيرا ما كانت مادة للشعر والغناء الغزلي والتراثي. وتغنى كثير من الفنانين السودانيين الشعبيين للحناء ووصف جمالها ولونها عند العروس والعريس في يوم فرحهما.