بمناسبة الذكرى الـ60 لاستقلالها، استلمت الجزائر من إيطاليا تمثالا كبيرا لشخصية الأميرال الإيطالي بكانينو الشهير بلقب "علي بتشين".
ويأتي هذا الاحتفاء من طرف روما، بمناسبة مرور الذكرى الـ400 على تشييد المسجد الذي يرتبط بناؤه بحكاية زواج البحار الإيطالي من ابنة سلطان جبل كوكو في الجزائر.
وشيد التمثال تحت إشراف أستاذ الفنون الجميلة الإيطالي باولو ديلا بينا، وفريق إيطالي محترف أنجز العمل بمشاركة الكاتب الإيطالي ريكاردو نيكولاي، الذي ألّف كتابا عن قصة البحار.
واستخدام المصممون رخام "ألبي أبوا" الإيطالي الذي يعتبر من أجود أنواع الرخام في العالم، وهو نفس الرخام الذي شيد به بتشين المسجد.
ومن المقرر أن يوضع التمثال في المركز الجزائري للثقافة والفنون "قصر رياس البحر" في الجزائر العاصمة.
وقالت مديرة المركز فايزة رياش أن حكاية مسجد علي بتشين "أشبه بقصة ألف ليلة وليلة، لارتباطها بقصة بحار إيطالي بسيط ينحدر من مدينة توسكانا، أوقعته الظروف في الأسر لدى الجزائريين، لكنه أصبح قائدا وزعيما ذا جاه".
وقد صل بكانينو (1560-1645) إلى الجزائر أسيرا عام 1578 رفقة مجموعة من البحارة الإيطاليين، ولم يكن يتجاوز عمره 18 سنة، وجلبه القائد الجزائري فتح الله بن خوجة بن بيري ليتخذه ابنا له يعلمه فنون القتال والقيادة.
ومع مرور الزمن، ارتقى بكانينو في رتبته البحرية العسكرية وأصبح إحدى أبرز الشخصيات السياسية والعسكرية في العالم بين عامي 1630 و1645 حتى أصبح قائدا عاما، بعدما حصل على لقب "رايس" الذي يعادل اليوم الأميرال.
واعتنق البحار الإيطالي الإسلام في سن مبكرة وأطلق على نفسه اسم علي بتشين، ووقع في عشق "لالاهم" ابنة سلطان جبل كوكو ثم تزوج منها، وهي الخطوة التي دعمت نفوذه بتعاطف منطقة القبائل وتضامنهم معه.
وقال الكتاب الإيطالي ريكاردو نيكولاي مؤلف كتاب "علي بتشين من أجل عشق ملكة"، لموقع "سكاي نيوز عربية": "الأسير الإيطالي أصبح قائدا بعدما وصل إلى الجزائر، وقد وقع في حب لالاهم ابنة ملك كوكو، وليعبر عن حبها الشديد لها بنى هذا المسجد كمهر".
فعندما تقدم بتشين لخطبة الأميرة الجميلة قدم لها العديد من الكنوز، لكنها قالت له إنها لا تريد هذه الهدايا وإنما أن يبني مسجدا ليثبت إيمانه.
وحقق الأميرال طلبها على الفور، وشيّد مسجد "زوج عيون" عام 1622 في الجزائر العاصمة، الذي يعد اليوم واحدا من أهم مساجد الجزائر عبر التاريخ.
وبعد وفاة بتشين، واصلت الأميرة لالاهم العمل الخيري تكريما لروح زوجها، إلى أن وافتها المنية لتدفن إلى جانبه في مقبرة الباشوات، التي كانت تقع عند بوابة حي باب الواد في الجزائر العاصمة، لكنها دمرت خلال أعمال التوسعة الكبرى للمدينة في القرن التاسع عشر.
وأوضح الكاتب الإيطالي أن إنجاز التمثال يأتي تخليدا لتك القصة، ودعما للعلاقات الجزائرية الإيطالية.
وأضاف: "العلاقات بين إيطاليا والجزائر تعود إلى زمن ملك نوميديا ماسينيسا، وقد عرفت طفرة عام 1500 حيث كانت التبادلات الثقافية والبشرية بين ضفتي البحر المتوسط أقوى".
ويقع المسجد وسط ساحة الشهداء في العاصمة، وتعلوه نوافذ ومئذنة صغيرة، وقد يبدو متواضعا لكنه يظل من أجمل وأقدم مساجد الجزائر.
وكان المسجد شاهدا على عدة مراحل من تاريخ الجزائر، فقد استولت عليه قوات المشير دي نورمونت الفرنسية عام 1830 وحولته إلى صيدلية، وفي عام 1843 دمرت المئذنة وتحول المسجد إلى كنيسة.
ولم يعد المبنى إلى وضعه الأصلي كمسجد إلا في 5 يوليو 1962 مع استقلال الجزائر، ليصبح اليوم محطة رئيسية يؤدي فيها رؤساء الجزائر صلاة الأعياد والمناسبات الدينية الرسمية.