يوظف فنانون سودانيون المواد المحلية كالحبوب الغذائية وأصداف البحر والحصى والرمال البيضاء في نشر فن الفسيفساء الذي بدأ يكتسب رواجا واسعا في أوساط المجتمع السوداني.
وشهدت السنوات القليلة الماضية اهتماما ملحوظا من جانب السودانيين بفن الفسيفساء الذي بدأ يشق طريقه بقوة في المعارض المحلية، مع سعي المختصين للاستفادة من هذا الزخم في التوثيق للحضارة السودانية.
وعلى الرغم من حداثة عهدها في السودان، إلا أن الفسيفساء تعتبر من أقدم فنون التصوير في العالم، وتعرّف على أنها فن وحرفة صناعة المكعبات الصغيرة واستعمالها في زخرفة وتزيين الفراغات الأرضية والجدارية عن طريق تثبيتها بالبلاط فوق الأسطح الناعمة، وتشكيل التصاميم المتنوعة ذات الألوان المختلفة.
ووفقا لأبو بكر الشريف الذي كرّس حياته المهنية في تطوير فنون الفسيفساء، فإن اهتمامه الأكاديمي والعملي بهذا الفن جاء انطلاقا من قناعته بالأثر الكبير الذي يمكن أن يعكسه هذا الفن على الحياة الثقافية والاجتماعية في البلاد.
وقال الشريف في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن هذه القناعة تجسدت بشكل واضح خلال الفترة الأخيرة من خلال إشرافه على أول بحث لدرجة الدكتوراه في فنون الفسيفساء في السودان، مشيرا إلى حصول أحد دارسيه على درجة دكتوراه الفلسفة في الفنون عن أطروحة "جماليات التصوير الجداري المعاصر وأثره على المجتمع في السودان"، استنادا لعملين من فن الفسيفساء هما "جدارية الثقافة النوبية" على مساحة 16 مترا مربعا، و"جدارية الطيور" وهي عمل خالص من فسيفساء السيراميك على مساحة 45 مترا مربعا.
ويعمل الشريف منذ العام 2010 على تعليم طلاب الفن والهواة هذا الشكل الفني خصوصا المعالجة وطريقة التثبيت على الجدران والخامات والتقنية المستخدمة في التثبيت على الجدران، وفضاء العمل الجداري والمجتمع المحيط، بالإضافة لديمومة العمل ومقاومته لعوامل البيئة والمناخ، وأخيرا تقبل أفراد المجتمع لهذا النوع من الفن.
ويسعى الشريف وغيره من المهتمين بفن الفسيفساء للتغلب على الصعوبات الكبيرة التي تواجه انتشار هذا الفن وأبرزها ارتفاع كلفة المواد وعدم توفرها، مما أدى إلى توقف الدراسة لفترات عديدة خلال السنوات الماضية.
وبفضل اللجوء لاستخدام المواد المحلية بدأت تظهر لمسات فن الفسيفساء في جداريات تزين العديد من واجهات الطرق والفنادق والمباني العامة في العاصمة الخرطوم، إلى جانب منازل الأثرياء.
ومع تزايد العاملين بفن الفسيفساء في السودان يطمح هؤلاء لانتشار الأعمال الفنية الخاصة بهذا الفن على مستوى الشوارع والميادين الرئيسية في مدن البلاد الأخرى لتوثق لرموز البلاد وأحداثها وهو ما يستدعي شراكة مجتمعية واسعة تعزز من حضور هذا الفن في المشهد السوداني.