اتخذت الجزائر قرارات صارمة لمنع ظاهرة الغش في الامتحانات وحماية أسئلة البكالوريا والتعليم المتوسط من التسريب، وقد شملت العقوبات السجن والإقصاء من الامتحان لمدة 5 سنوات.
فبالإضافة إلى إجراء قطع الإنترنت على شبكات التواصل الاجتماعي وجميع مواقع المحادثات طيلة ساعات إجراء الامتحانات، فقد قامت السلطات الأمنية بحملة اعتقالات واسعة لتوقيف الذين تم ضبطهم متلبسين في محاولة تسريب أسئلة البكالوريا.
ويجتاز هذا الأسبوع أكثر من 700 ألف تلميذ جزائري امتحان شهادة البكالوريا، من بينهم نحو 13 ألف ممتحن حر، موزعين على أكثر من 2500 مركز امتحان على المستوى الوطني.
وانطلقت الامتحانات بعد يومين من انتهاء امتحانات شهادة التعليم المتوسط، التي شهدت توقيف عدد من المواطنين الذين ضبطوا متلبسين بتسريب الأسئلة ومحاولة مساعدة أبنائهم أو أحد أقاربهم على الغش، منهم بينهم نائب برلماني ودركي وأساتذة قاموا بنشر أسئلة الامتحان عبر موقع التواصل، وتمت إدانتهم بعام سجن.
وفي اليوم الأول لإجراء شهادة البكالوريا، تمت إحالة 4 تلاميذ مترشحين لاجتياز شهادة البكالوريا دورة يونيو (جوان) 2022، إلى الحبس، بعد أن تم توقيفهم متلبسين بالغش في أول يوم من الامتحان، مستخدمين أجهزة تكنولوجية حديثة للتواصل.
"سمعة" الشهادة الجزائرية
وبحسب رئيس المنظمة الوطنية لأولياء التلاميذ، علي بن زينة، فإن "ظاهرة الغش ليس وليدة اليوم وإنما تعود إلى عقود من الزمن، إلا أن الإعلام البديل ساهم في نشر أخبارها بشكل ملحوظ، مما دفع الحكومة لاتخاذ إجراءات صارمة منذ عام 2016".
وقال بن زينة لموقع "سكاي نيوز عربية": "حماية شهادة البكالوريا اليوم هي مسألة أخلاقية وقانونية، والإجراءات الصارمة التي يتم اتخاذها حاليا لمحاربة الغش هي ما طالبنا به منذ عام 2016، عندما وقعت ثاني محاولة تسريب كبرى لأسئلة شهادة البكالوريا، وهي الحادثة التي كادت أن تدفع الجزائر ثمنها غاليا على المستوى الدولي".
وعاشت الجزائر تجربة مريرة عام 1992، عندما تم تسريب أسئلة البكالوريا، في فضيحة شهيرة دفعت وزير التربية والتعليم، علي بن محمد، لتقديم استقالته، بعدما قام مجهولون بتوزيع أسئلة البكالوريا في الشارع عشية انطلاق الامتحان.
وتسعى الجزائر للحفاظ على "سمعة شهادة البكالوريا بكل الطرق التي حاز عليها علماء وباحثون جزائريون كبار، يشاركون الآن في صنع مجد العديد من الدول الأوروبية".
وأضاف بن زينة: "للأسف الإصلاحات التي تم اعتمادها في السنوات الأخيرة عبر اعتماد المقاربة بالكفاءات، لم تخدم كلها سمعة المدرسة والجامعة الجزائرية، والبكالوريا في منعطف حاسم، لهذا وجب حمايتها بكل الطرق".
وعشية انطلاق الامتحانات، وجه كبار المسؤولين في وزارة التربية بالجزائر، تحذيرات بشأن الغش أو تسريب الامتحانات.
وقال وزير التربية عبد الحكيم بلعابد: "حان الوقت لقطع السلوكيات السيئة التي تشوه صورة الامتحان. الدولة قامت بكافة الإجراءات اللازمة ضد كل من يحاول المساس أو التشويش على الامتحانات".
من جانبه، أكد المفتش المركزي بوزارة التربية الوطنية، عبد العزيز عصماني، على أن "الديوان الوطني لتنظيم الامتحانات والمسابقات، يقوم بإقصاء أي مترشح يضبط في حالة الشروع في الغش".
"القانون واضح"
يشار إلى أن المشرع الجزائري تعامل بحزم مع ظاهرة الغش وتسريب مواضيع وأجوبة الامتحانات المصيرية، حيث فرض عقوبة تتراوح ما بين 5 إلى 10 سنوات مع غرامة مالية، على كل شخص مهما كانت صفته الإدارية يتم ضبطه متلبسا بتسريب مواضيع الامتحان سواء بشكل مباشر أو عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي والإنترنت.
وأكدت المحامية فاطمة بن براهم، أن "قانون العقوبات تعامل بشكل صارم مع ظاهرة الغش بكل أنوعها"، منوهة إلى أن "الفصل السابع من قانون العقوبات يتحدث بشكل واضح عن جريمة المساس بنزاهة الامتحانات والمسابقات".
وتابعت لموقع "سكاي نيوز عربية": "يوجد عدة أنواع من الغش، وما يحدث من تسريب للأسئلة الخاصة بامتحان شهادة الابتدائي أو المتوسط أو التعليم العالي هي جريمة عقوبتها السجن".
واستطردت: "الأمر يمس بسمعة البلاد ككل ويهدد مصير الأجيال، مما يفسر قرارات المحكمة التي اتخذت بحق المسؤولين الذين ضبطوا متلبسين بتهمة تسريب أسئلة الامتحانات".