مع اقتراب العطلة الصيفية في موريتانيا، تستعد ميمونة، مثل كثيرات غيرها من الأمهات، للعطلة بجلب ملابس الصيف للأطفال.
ففي البلد الواقع شمال غربي إفريقيا، لا مصانع للملابس، حيث تكتفي ورش الخياطة بإنتاج الأثواب المحلية، لذلك وجد الموريتانيون البديل في الملابس المستعملة التي يطلقون عليها اسم "فوكوجاي"، وهي كلمة إفريقية يختلفون في تأويلها اختلافا بينا.
تصطحب ميمونة طفليها محمد الأمين والمختار إلى أحد محلات بيع الملابس المستعملة، محل إبراهيم.
تجد أن بعض النسوة سبقنها وجلسن ينتظرن فتح "بالوطة" من ثياب الأطفال، يفتح أحد عمال المحل "الخنشة" أو كيس الملابس، بقطع السبائك الحديدية التي تثبتها من الجانبين، ويضعها أمام صاحب المحل الذي يشرع في رص كل صنف من الثياب إلى جنب، قبل أن يسمح للزبونات بالاختيار.
"وجدت لبستين مناسبتين للمختار، لكني لم أجد ثيابا مناسبة لأخيه"، تقول ميمونة متحدثة لموقع "سكاي نيوز عربية"، وتضيف: "فوكوجاي أفضل من باقي الثياب من ناحية الجودة وأرخص من ناحية السعر، لذلك نلجأ إليه لشراء ثياب الأطفال والشباب".
وفي ركن آخر، تنتقي أم أثوابا مختلفة ومتنوعة الأشكال والأحجام، تفحص الثوب بعناية فإذا أعجبها تضعه جانبا.
وتوضح لموقع "سكاي نيوز عربية" ما تقوم به، قائلة: "أنا أنتقي الثياب التي لم تستعمل من قبل أو التي لا تزال بحالة جيدة، وأعيد بيعها في متجري".
وغير بعيد يجلس إبراهيم محمد يراقب ويتأمل، وربما تعود به الذكريات إلى بدايته مع التجارة، حين ترك الخدمة في الدرك وامتهن تجارة الملابس، قبل أن يتخصص في بيع الملابس المستعملة.
تلك التجربة التي يتحدث عنها لموقع "سكاي نيوز عربية" قائلا: "بدأت تجارة الملابس عام 1999، وبعد 10 سنوات كانت حالة ركود تسيطر على هذه التجارة، فلفت انتباهي قطاع الملابس المستعملة. رأيت الإقبال الكبير عليه ولاحظت أن أغلب ممتهنيه هواة لا خبرة لهم بالتجارة، فقررت أن أجربه. بدأت من الصفر تقريبا. استثمرت أقل من مائة ألف أوقية (حوالي 300 دولار) وبعد سنة كانت النتيجة تفوق الخيال".
ويتذكر إبراهيم كيف كانت صعوبة البداية مع نظرة الدونية التي كان المجتمع ينظر بها إلى تجارة الملابس المستعملة، حيث "كان المفهوم السائد أن فوكوجاي تعني الملابس المهملة وعديمة القيمة، لكن مع مرور الوقت تم تجاوز تلك العقدة حتى أصبحنا نتمنى أن تعود تلك النظرة حتى تقل المنافسة".
وعن مصادر شحنات الملابس المستعملة التي تصل الأسواق الموريتانية، يوضح إبراهيم أن "تأتي أساسا من فرنسا وبلجيكا وهولندا. هناك شركات إذا استطعت الوصول لها والتعامل معها ترسل لك البضاعة كل 3 أشهر، وقد تصادف عروضا غير منتظمة تشتري منها وتربح، لكن ضمان النجاح مرتبط بشركات الملابس المستعملة".
وفي سوق تيارات، يعرض محمد الأمين في متجره بضاعة تتنوع من الأحذية إلى الأغطية، مرورا بأنواع الملابس الرجالية والنسائية وملابس الأطفال، وكذلك بعض الأجهزة والأواني، وعندما سألناه عن سر هذا التنوع أجاب ضاحكا: "هذا كله رباخا"، أي ملابس مستعملة بالعامية في شمالي موريتانيا.
ويوضح الأمين لموقع "سكاي نيوز عربية" أن الكلمة الإسبانية تعني "المستعمل المستورد من الخارج"، لكن معنى الكلمة الأصلي يحيل للتخفيضات التي تشهدها الأسواق الإسبانية في أوقات معينة، التي قد تكون من بين مصادر الملابس المستعملة في موريتانيا.