عندما وقعت مذبحة مدرسة كولومباين الثانوية في عام 1999، كان ينظر إليها على أنها لحظة فاصلة في الولايات المتحدة، حيث مثلت أسوأ إطلاق نار جماعي في مدرسة في تاريخ البلاد.
أما اليوم، فتحتل "مذبحة كولومباين" المرتبة الرابعة، وتفوقت عليها "مذابح" أخرى، وهي هجوم مدرسة ساندي هوك الابتدائية عام 2012، حيث قتل 26 طفلا، وهجوم مدرسة مارجوري ستونمان دوغلاس الثانوية في باركلاند بولاية فلوريدا، عام 2018، والذي أودى بحياة 17 شخصا، والهجوم الذي وقع قبل أيام على مدرسة روب الابتدائية في أوفالدي، بتكساس، حيث قتل ما لا يقل عن 19 طفلا وشخصين بالغين.
ومثل الهجوم في يوفالدي، الهجوم رقم 27 في مدرسة بالولايات المتحدة هذا العام فقط، ونحن لم نصل لمنتصف العام، مما يكشف "الكابوس" المخيف الذي يبدو أن الولايات المتحدة لا تستطيع الاستيقاظ منه.
طبيعة القاتل
وأنشأ عدد من "علماء الجرائم"، قاعدة بيانات شاملة لعمليات إطلاق النار الجماعية في المدارس باستخدام البيانات العامة، مع ترميز القتلة على أكثر من 200 متغير مختلف، بما في ذلك الموقع والملف العرقي، في دراسة نشرها موقع "ذا كونفرسيشن".
واختار العلماء التركيز على حوادث إطلاق النار في المدارس، التي أدت لمقتل 4 أشخاص على الأقل، تكون في مكان عام، ولا تربط الجريمة أي صلة بنشاط إجرامي مثل العصابات.
ووفقا للدراسة، قرابة 30 بالمئة من هذه الهجمات، تشهد عملية قتل خارج المدرسة، عادة ما تكون لفرد من العائلة، قبل الهجوم في المدرسة، وهو ما حصل في هجوم تكساس الأخير، حيث أفادت تقارير إطلاق النار من منفذ الهجوم على جدته في المنزل قبل الخروج.
وتم تنفيذ غالبية عمليات إطلاق النار الجماعية في المدارس من قبل مسلح منفرد، بينما نفذ مسلحان اثنان العملية في حالتين فقط، إحداها في كولومباين عام 1999.
ونفذ جميع عمليات إطلاق النار الجماعية في المدارس، رجال أو فتيان، وكان متوسط عمر الضالعين في تنفيذ الاعتداءات 18 عاما.
ووفقا للدراسة، فإن معظم منفذي الهجمات لديهم صلة بالمدرسة التي يستهدفونها. وكان 85 بالمئة من منفذي الهجمات إما طلابا حاليين أو سابقين، لذا مثل هجوم مدرسة روب الابتدائية "حالة شاذة" لعدم وجود علاقة بين القاتل والمدرسة.
ووفقا لموقع "ذا كونفرزيشن"، أشار البحث الذي شمل عشرات المقابلات مع مرتكبي عمليات إطلاق النار الجماعي المسجونين، إلى أنه بالنسبة لمعظم الجناة، يقصد بحادث إطلاق النار الجماعي أن يكون "عملية نهائية".
غالبية من أطلقوا النار في المدارس لقوا مصرعهم في الهجوم، وتم القبض على سبعة فقط. ومات الباقون في مكان الحادث، جميعهم تقريبا انتحارا، باستثناء مطلق النار في تكساس، الذي قتل برصاص الشرطة.
ويميل منفذو الهجوم في المدارس إلى استباق هجماتهم من خلال ترك منشورات أو رسائل أو مقاطع فيديو تحذر من نواياهم.
ووفقا للبحث، يسعى بعض الجناة إلى الشهرة، ولكن الغضب العام هو الدافع وراء معظم هجمات المدارس.
وتتضمن حياتهم حتى "اللحظة الأخيرة"، كراهية للذات ويأس يتحول إلى الخارج في العالم، وتوصل البحث إلى أنهم غالبا ما ينقلون نواياهم لإلحاق الأذى مقدما، كـ"صرخة أخيرة" يائسة للحصول على المساعدة.
وتقول الدراسة إن المفتاح لوقف هذه المآسي هو أن يكون المجتمع متيقظا لهذه العلامات التحذيرية والعمل عليها على الفور.