أثار شريط فيديو يُظهر طفلة تحمل آثار جروح وكدمات، ضجة كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي في المغرب. المقطع الذي تتجاوز مدته دقيقتين، تظهر فيه الطفلة البالغة من العمر ست سنوات، وهي تحكي بكلمات مقتضبة بالكاد أدخلتها لقاموسها الصغير، تفاصيلَ تعذيبها من طرف والدتها، وتكشف أثار الضرب والكي على مختلف أنحاء جسدها.
وخلف الشريط صدمة كبيرة لدى رواد مواقع التواصل، الذين استنكروا بكل العبارات كمية الوحشية التي تظهر على الفيديو، داعين السلطات إلى الضرب بشدة على يد هذه الأم التي عذبت طفلة في سن الزهور.
مشاهير ينددون
في سياق ردود الفعل التي خلفها المقطع، تفاعلت الفنانة المغربية دنيا بطمة، مع الفيديو الذي يوثق تعنيف طفلة باستمرار من طرف والدتها.
وعلقت بطمة، عبر خاصية "الستوري" بحسابها الخاص على موقع التواصل الاجتماعي إنستغرام، على هذا السلوك، بالقول: "حسبنا الله ونعم الوكيل، ماذا فعلوه بك أيتها الطفلة البريئة. نتمنى من جمعيات حقوق الطفل أن تؤازر هذه الطفلة، أحسست بغصة في قلبي عندما شاهدت الفيديو".
ومن بين المؤثرين على مواقع التواصل الذين علقوا على شريط الفيديو، الراقصة مايا، التي دخلت مؤخرا غمار التمثيل، وانتقدت هذه الأخيرة تعنيف الأطفال بهذه الوحشية، داعية من خلال صفحتها على إنستغرام، الآباء إلى تجنب تعنيف أبنائهم والاكتفاء بأساليب حضارية لتربيتهم، بعيدا عن التنكيل الذي قد يسبب كدمات نفسية لا تنمحي.
كما علق نشطاء آخرون "ما هذه الحُگرة؟" بمعنى الظلم والتعسف، فيما غرد آخرون: "كيف يصل البعض منا إلى كل هذا العنف وانعدام الرحمة؟!"
آثار وخيمة
بدورها، قالت المدونة ياسمين لمو، في شريط فيديو صورته بخصوص موضوع تعنيف الأطفال، إن الضرب والشتم والإهانات الموجهة للأطفال يؤدي بهم إلى الإحساس بالضغط، وهو ما يجعل أجسامهم تفرز الكورتيزول والأدرينالين بشكل متكرر، ما يؤثر على نموهم ويعرضهم إلى مشاكل في الذاكرة والمناعة.
وأضافت الباحثة في القانون بإحدى الجامعات الفرنسية والمهتمة بعلم النفس، إن الإهانات المتكررة للأطفال قد تُحدث ضررا بالقشرة الأمامية للدماغ، مما قد يؤثر على مشاعرهم التي قد تصبح مرتبكة مع مرور السنين، وقد تنحو أحيانا إلى العنف.
وأبرزت المدونة في اتصال مع "سكاي نيوز عربية"، أن تربية الأطفال تكون عن طريق التواصل السليم، عوض التوبيخ.
وتابعت: "كما أن الطفل يحتاج إلى القدوة الحسنة والمساعدة على فهم أخطائه، دون اللجوء إلى عنف، حتى يتمكن من استيعاب الأشياء التي فعلها والتمييز بين السيء منها والحسن".
الأمن يدخل على الخط
وتفاعل الأمن المغربي بالجدية اللازمة مع شريط الفيديو، حيث فتحت الفرقة الحضرية للشرطة القضائية بمنطقة أمن سلا الجديدة، بحثا قضائيا تحت إشراف النيابة العامة المختصة، وذلك لتحديد الأفعال الإجرامية المنسوبة لسيدة تبلغ من العمر 25 سنة، من ذوي السوابق القضائية العديدة، والتي يشتبه في تورطها في تعريض ابنتها القاصر للإيذاء العمدي والاحتجاز.
وأكد بيان صادر عن المديرية العامة للأمن الوطني اطلعت عليه "سكاي نيوز عربية"، أنه تم القيام بمجموعة من الأبحاث الميدانية والتحريات التقنية، التي مكنت من تحديد هوية الأم المتورطة في ارتكاب هذه الأفعال الإجرامية وتوقيفها.
وبحسب المصدر ذاته، فقد "أسفرت عمليات البحث والتفتيش المنجزة بداخل منزل المشتبه فيها، عن العثور على ابنتها القاصر محتجزة بداخل إحدى الغرف، وهي تحمل آثارا بارزة للعنف، كما تم حجز مجموعة من الأدوات التي يشتبه في استخدامها في تعريض الضحية للضرب والكي، علاوة على حجز 900 غرام من مخدر الكيف يشتبه في استعماله من طرف المشتبه بها في إعداد وترويج إحدى المخدرات".