شهدت الأسواق والمحلات التجارية في العاصمة تونس وعدد من محافظات البلاد حركة نشيطة خلال الأيام الأخيرة لشهر رمضان، رغم تراجع المقدرة الشرائية وتجميد الأجور واستفحال الأزمة الاقتصادية منذ عدة سنوات.

ومع قرب حلول عيد الفطر، عرفت الفضاءات التجارية الكبيرة ومحال بيع الملابس والأحذية والحقائب، في العاصمة تونس على وجه الخصوص انتعاشا جاء ليقطع ركود الحركة التجارية وتراجع مؤشرات الاستهلاك الذي ميز القطاع التجاري خلال الأشهر القليلة الماضية.

وبدت الحركة حثيثة في العديد من محال بيع الملابس الجاهزة والأحذية والهدايا ولعب الأطفال، بينما اكتظت شوارع وسط العاصمة تونس بأشخاص يسعون لشراء مستلزمات العيد من ملابس أو حلويات أو لعب، واضطر بعض التجار إلى الوقوف في الشوارع لعرض بضائعهم على المارة مما تسبب في ازدياد الازدحام وتعطل حركة الجولان.

ويرى نور الدين (56 عاما) وهو موظف وأب لثلاثة أبناء أن تزامن الأيام الأخيرة من شهر أبريل مع آخر أيام رمضان كانت السبب وراء النزول مع أبنائه لارتياد بعض المحال التجارية حتى يشتري الملابس والأحذية الرياضة لإبنيه بمناسبة عيد الفطر.

وأضاف نور الدين الذي كان يتجول بين المحال في أحد المراكز التجارية الكبرى بمنطقة الزهراء جنوب العاصمة تونس أن ارتفاع الأسعار بشكل مهول لم يمنعه من الحفاظ على عادة اقتناء ملابس العيد لنفسه ولزوجته وأبنائه الثلاثة.

عادة راسخة

وقال لـ"سكاي نيوز عربية"، "هذه العادة لا يمكننا التخلي عنها، "كسوة" العيد وبعض الهدايا والحلويات للعائلة أمر لا غنى عنه في هذه الفترة من كل عام نحن نكتوي بلهيب الأسعار، لكن في المقابل من الضروري أن يستقبل أبنائي العيد بملابس جديدة مثل أقرانهم."

بدوره، فسر قاسم (53 عاما) وهو يعمل بشركة خاصة، الإقبال الكبير على المحلات التجارية والأسواق في اليومين الماضيين بالقول إن "الشهارة" (الموظفون والعمال الذين يتقاضون مرتبا شهريا) تقاضوا أجورهم في آخر أيام شهر رمضان وبالتالي فقد تأخرت فترة التسوق واقتناء ملابس العيد لتشهد المحال التجارية ازدحاما غير مسبوق وتهافتا واضحا على اقتناء الملابس.

يقول قاسم لـ"سكاي نيوز عربية"، "الأيام الأخيرة من شهر الصيام تشهد تفرغا تاما لشراء ملابس العيد، الأسعار مرتفعة جدا والمواطن يبدو بين المطرقة والسندان، فلا هو قادر على الاستجابة لأذواق ورغبات العائلة كلها ولا أيضا بإمكانه الهروب من تلك المهمة."

إنفاق في زمن الأزمة

ورغم الأزمة الاقتصادية، ما تزال معدلات الإنفاق مرتفعة في تونس، إذ يلجأ الكثيرون إلى الاستدانة لتسديد نفقاتهم، خصوصا في الأعياد والمناسبات الدينية.

ويرى لطفي الرياحي، رئيس المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك، أن نسق الاستهلاك والإنفاق عادة ما يرتفع في شهر رمضان وقبل أيام من عيد الفطر، حيث يكون الاقبال على اقتناء اللباس والأحذية والحلويات.

وفي تصريح لـ"سكاي نيوز عربية"، قال الرياحي "رغم هذا الإقبال، إلا أن معدلات الاستهلاك العام في 2022 تراجعت مقارنة بالسنة الماضية، لكنها تظل مرتفعة وغير متكافئة بالمرة مع القدرة الشرائية التي توشك على الانهيار، المنظمة تسعى إلى دعوة الحكومة لسن إجراءات تحفظ كرامة المواطن وتراجع الأسعار والأداءات".

أخبار ذات صلة

تونس.. أزمة أسعار في رمضان "وحرب" حكومية على المحتكرين

في المقابل، اعتبر الخبير الاقتصادي محمد صالح الجنادي أن "الازدحام الذي تشهده الفضاءات التجارية والأسواق لا يمكن أن يكون بالضرورة مؤشرا على انتعاش اقتصادي أو على ارتفاع معدلات الاستهلاك، بل أن ذلك يكشف في جانب آخر عن اللهاث وراء أسعار تناسب القدرة الشرائية والبحث دون جدوى عن توازن مفقود بين الإنفاق والدخل".

وقال الجنادي لـ"سكاي نيوز عربية"، "المحلات التجارية مليئة بالزبائن ولكن الكثير منهم يخرجون دون أن يظفروا بحاجتهم، هناك أزمة أجور في تونس والآلاف من التونسيين لم يعودوا قادرين حتى على تسديد نفقاتهم اليومية فما بالك بملابس العيد التي تفوق أسعارها دخل المواطن متوسط الدخل".