كشفت برامج رمضان في الجزائر عن حجم الشرخ بين حظوظ نجوم الجيل القديم من الممثلين، وحظوظ المنافسين الجدد القادمين من عالم المواقع الاجتماعية، الذي يبدو أنه فرض نمطا جديدا على الحياة الفنية.
ولاحظ متابعون مشاركة جيل السبعينيات والستينيات في أدوار ثانوية وبسيطة في أعمال رمضان، وقد خلت شبكة أعمال 2022 من ظهور نجوم الجيل الذهبي في أدوار البطولة سواء في الدراما أو الكوميديا.
ومن بين عشرات الأعمال الرمضانية التي أنتجتها القنوات الجزائرية هذا العام، سواء في الدراما أو الكوميدية والسيتكوم، لا نجد حضورا بارزا لجيل عثمان عروات وصالح أوقروت وشافية بوذراع وحسان بن زيراري.
في مواجهة جيل السوشيل ميديا
ويؤكد الممثل حسان بن زيراري الذي يطفئ هذه السنة الشمعة الخمسين لمساره الفني، أن الساحة الفنية في الجزائر تغيرت بشكل كبير في السنوات الأخيرة.
وقال بن زيراري لموقع "سكاي نيوز عربية": "لقد أصبح التركيز أكثر على الجانب المادي على حساب الأفكار والقيم".
ويرى أن التركيز على الجانب المادي يعد أحد الأسباب المهمة التي تعكس غياب الجيل القديم، وهو ما يدفعه كغيره من الفنانين لرفض العديد من العروض.
وأوضح بن زيراري، الذي يعتبر أحد أبطال سلسلة "أعصاب أوتار" الشهيرة التي قدمها التلفزيون الجزائري في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، أن مسألة القبول بالدور أو رفضه لا تتعلق بحجم الدور، بقدر الرسائل التي يحملها.
وتابع: "الدور بسيط لا يقلل من قيمة الفنان الكبير مقارنة بالظهور في دور كبير يتعارض مع المبادئ التي تربى عليها منذ ستينيات القرن الماضي".
ويجمع الجمهور الجزائري على أن مرض الممثل الشهير صالح أقوروت الملقب بـ"عاشور العاشر"، ترك فراغا رهيبا في الشاشة الرمضانية الجزائرية لعام 2022، ولاحظوا أيضا تصدر الممثلين الجدد والهواة وخاصة مؤثري تيك توك وإنستغرام، لأدوار البطولة في الشبكة الرمضانية.
ويوضح مدير الكاستينغ الجزائري حسام زعرير، الذي شارك في اكتشاف عدد كبير من الفنانين الجدد من الشباب، أن عالم الإنتاج التلفزيوني في الجزائر أصبح يهتم كثيرا بعالم الإنترنت، وأن الإنتاج عملية اقتصادية تبحث عن استقطاب أكبر عدد من المتابعين في النهاية.
وقال حسام لموقع "سكاي نيوز عربية": "لا يمكن التقليل من أهمية السوشيل ميديا، ففيها الكثير من المواهب المدفونة، وإعطاؤها الفرصة للمشاركة في أعمال رمضان لا يعني إقصاء الجيل القديم أبدا".
وبالكاد يظهر نجوم الجيل القديم في أدوار بسيطة، وأحيانا يتم استدعاؤهم كنوع من التكريم، كسلسلة "في التسعين" الفكاهية للمخرج عبد القادر جريو، والتي يؤدي فيها الممثل الشاب محمد حساني دور البطولة رفقة الممثل مصطفى لعريبي والممثلة سهيلة معلم.
وقد قرر أصحاب السلسلة تكريم جيل الثمانينيات والتسعينيات من الممثلين، ولكن بطريقة خاصة، حيث جمع الموسم الجديد من السلسلة الوجوه الشابة بنجوم سلسلة "بلا حدود"، التي قدمها ثلاثي نجوم الجيل القديم مصطفى ميمون وحزين محمد وعبد الحميد شنيان، الذين ذاع صيتهم في تسعينيات القرن الماضي.
بين الاعتزال والفرصة الأخيرة
ويقسم السيناريست الجزائري محمد شرشال، الجيل القديم إلى فئتين. وقال لموقع "سكاي نيوز عربية": "منهم فنانون كبار اعتزلوا التمثيل بشكل غير مباشر بعدما حجزوا مكانة مهمة لهم في قلوب الجمهور على غرار النجم الاستثنائي عثمان عليوات، الذي يرفض العودة إلى العمل منذ 20 عاما، رغم كل النداءات والعروض التي تتهاطل عليه".
أما الفئة الثانية، حسب شرشال، "فهي تكافح الظروف وتواصل الظهور في الأدوار التي تعرض عليهم حتى وإن كانت أدوار ثانوية بحكم أن لا خيار آخر أمامهم".
الدولة تحاول إعادة الاعتبار
وبينما يواصل المنتجون البحث عن جمهور أوسع وجديد مرتبط بمواقع التواصل الاجتماعي أكثر من شاشة التلفزيون، تحاول الدولة رد الاعتبار للفنانين القدماء والوقوف إلى جانبهم في أحلك الظروف.
ومؤخرا، أمر رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون بالتكفل بالممثل الوهراني حزيم، الذي يمر بظروف صحية صعبة، بعدما شارك في دور ثانوي في إحدى السلسلات الرمضانية هذه السنة، كما سبق وأن أعلن تبون عن تكفل الدولة بالفنان القدير صالح أوقروت المتواجد في فرنسا للعلاج من مرض السرطان.