ينتعش العمل التطوعي في الجزائر خلال شهر رمضان، حيث تجسد الجمعيات الخيرية والأفراد المتطوعون في الأيام الأولى من هذا الشهر، صورا متنوعة في التكافل الاجتماعي بهدف مدّ يد العون للعائلات الفقيرة والمحتاجين.
وخلال الأسبوع الأول من شهر رمضان، تميزت مظاهر التضامن بين الجزائريين بصور متنوعة من بينها تنظيم موائد إفطار رمضانية لعابري السبيل، وتوزيع وجبات إفطار، إضافة إلى جمع وتقديم المساعدات الغذائية لمستحقيها من العائلات المحتاجة، من خلال شباب متطوع أو يعمل لصالح جمعيات العمل الاجتماعي الخيري.
تجربة "مطعم السبيل"
لا يتوقف العمل التطوعي في الجزائر على الجمعيات الخيرية فقط، وإنما يمتد للأفراد المتطوعين الذين يسعون بمجهودات ذاتية وإمكانيات محدودة، لرسم البسمة على محيا العائلات الفقيرة والمحتاجين خلال شهر رمضان.
ومن بين الذين يساهمون في العمل التطوعي الخيري في الأيام الأولى من شهر رمضان، يبرز اسم معمر مغراوي الذي بادر برفقة محسنين في ولاية الشلف غرب الجزائر العاصمة بإقامة "مطعم الرحمة" والمخصص لتحضير الإفطار لأكثر من 200 عابر سبيل يوميا.
وبوجه بشوش يعكس إرادة قوية في العمل التضامني، شرح الناشط في الميدان الخيري، معمر مغراوي لـموقع "موقع سكاي نيوز عربية" تجربته قائلا إنه يقف على "مطعم السبيل" بمدينته "من أجل إفطار العديد من عابري السبيل والعمال الذين يشتغلون بعيدا عن عائلاتهم بعد يوم من الصيام. كذلك نقدم وجبات ساخنة يومية للمحتاجين واليتامى".
واعتبر مغراوي الذي خبر العمل التطوعي لسنوات عديدة أن هذه المبادرات الخيرية التي يشارك بها متابعوه في العالم الافتراضي عبر مواقع التواصل الاجتماعي "تحمل رسالة اجتماعية وإنسانية، وتؤكد أن هناك أفرادا في المجتمع يفكرون في بعضهم البعض في وقت الشدائد".
وأضاف أن هذا الأمر دليل على أن "الشباب الجزائري واع ومتمسك بقيمه الاجتماعية التقليدية في التضامن والتكافل سواء في شهر رمضان أو غيره".
ورغم الوضع الاقتصادي الصعب الناجم عن وباء كورونا وتأثيره على القدرة الشرائية، وارتفاع أسعار المواد الغذائية في الأسواق، في الفترة الأخيرة، إلا أن مغراوي أكد أن المحسنين لم يتوقفوا عن دعم حملاتهم التضامنية بمختلف السلع، "لا يتوقف الخير في هذه البلاد".
توزيع 30 ألف طرد غذائي
وأطلق الهلال الأحمر الجزائري برنامجا تضامنيا خاصا بشهر رمضان، رغم أن نشاطه يظل متواصلا على مدار السنة، وتم التوجه بهذه المناسبة إلى فتح مطاعم للإفطار الجماعي، وتوزيع آلاف الطرود من المواد الغذائية للعائلات المحتاجة.
وفي هذا السياق، أكدت رئيسة الهلال الأحمر الجزائري، سعيدة بن حبيلس، أن الخدمات التضامنية للهلال الأحمر الجزائري ليست "ظرفية" بشهر رمضان فقط، موضحة أن "توزيع المعونات الغذائية رافق كل المساعدات المقدمة منذ بداية جائحة كورونا قبل عامين".
وأفادت بن حبيلس في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية" بأنه منذ بداية شهر رمضان "تم توزيع 30 ألف طرد غذائي للعائلات التي هي في حاجة للمساعدة الاجتماعية، كما تم فتح مطاعم للإفطار في الأماكن البعيدة أو تلك التي تتواجد بها ورشات للبناء ليستفيد منها العمال هناك، إضافة إلى عابري السبيل والأشخاص بدون مأوى".
وأشارت رئيسة الهلال الأحمر الجزائري إلى أن جمعيتها "لا تملك ميزانية وكل ما تتحصل عليه من مساعدات هو بفضل المانحين والشركاء من الجمعيات الخيرية والإنسانية"، داعية إلى ضرورة تواصل الروح التضامنية لما بعد مرور شهر رمضان، لتبقى على مدار السنة، تعزيزا لمبدأ التآزر بين مواطني البلد الواحد.