مشاعر ونوايا حب حقيقية وصادقة قادرة على إنهاء أشد الخصومات التي لا ما كانت لتنتهي بألف اتفاق مكتوب، هذه هي رسالة مسلسل "بنات الريح" الذي يسلط الأضواء لأول مرة على حياة البدو في الصحراء الليبية.
وتسعى الدراما الليبية في رمضان إلى تقديم وجبةٍ مِن المتعة ممزوجة بلفت نظر المشاهدين لمفاتيح تخلّصهم من أزمة بلادهم المستعصية منذ 2011، ومنها هذا المسلسل المأخوذ عن سلسلة "حجران صوان"، وتدور أحداثه عن صراعات تضرب أفراد المجتمع الواحد رغم رابطة الدم والنسب عندما تدخل بينهم الفتن من الداخل والخارج، حسب ما قال المخرج علي القديري لموقع "سكاي نيوز عربية".
وعلى وقع قصّة غرام بين البطل والبطلة، تدور رحى الخلاف بين قبيلتين من البدو، تربطهما أواصر الدم والمصاهرة والمحبة، بعد أن تتدخّل شخصيات شريرة من كل قبيلة للتفريق بينهما، وإشعال فتيل الفتن.
وعلى مدار 15 حلقة، يتنقل مسلسل "بنات الريح" بين مشاهد زعزعة الاستقرار على يد هذه الشخصيات الفاسدة المفسدة التي لا تتوقف عند قدراتها الخاصة في تنفيذ خططها، لكنها تستعين بأطراف خارجية؛ فيتفشّى الفساد بشكل أسرع وتنهار كل العلاقات ويسيل الدم، بما يصبح معه من الصعب إعادة لَمّ الشمل وإزاحة الخونة، إلا إذا تدخلت العقول الراجحة التي تغلب المصلحة العامة وتنقذ ما يمكن إنقاذه.
وضمن الشخصيات الفاسدة ابن عم الفتاة التي تربطها قصّة حُب مع شخصٍ ينتمي للقبيلة الثانية، فبث الفتن بين القبيلتين، وجرى سفك الدم ونشبت الحرب، وهنا تصل الأحداث لذروتها، غير أن الرغبة في استعادة الأخوة وصحوة العقول كانت أكبر من الفتن، فيتحرك العقلاء في القبيلتين وتنتهي المؤامرات وتعود الحياة لمجراها الطبيعي.
و"بنات الريح" من تأليف نجلاء الأمين، ويقوم بتمثيله الفنان الليبي فضيل بوعجيلة، ويخرجه علي القديري.
رسالة خاصّة
تبدو قصة "بنات الريح" إسقاطًا مباشرًا على الأحداث والصراعات السياسية التي تضرب ليبيا منذ 2011، ووصلت لذروتها بالحروب الداخلية الليبية-الليبية في عملية "فجر ليبيا" سنة 2014، وما أججها من تدخلات دولية ومرتزقة أجانب تسببوا في إطالة أمد الأزمة حتى اليوم، وتعطل مشاريع التنمية وزيادة معدلات الجريمة.
ويتفق القديري في ذلك، قائلًا إن لصناع المسلسل رغبةً في إيصال رسائل لكل الأقطار المتصارعة داخليًّا وخارجيًّا، بأن روابط الأخوة والمحبة هي الباقية، وهي التي تؤدي إلى حياة أفضل، لا سيما أن الدسائس والمكائد لا تؤدّيان إلا إلى الخراب.
ومنذ سقوط ليبيا في الفوضى بعد الاحتجاجات التي أسقطت نظام حُكم الزعيم الليبي معمر القذافي 2011، والدراما الليبية تهتم برصد ملامح المجتمع الليبي، وجذور المشاكل التي تسببت في تشتت كلمة أبنائه خلال الأزمة، إضافة إلى استعادة أحداث التاريخ الليبي للاستفادة من دروسها، ومنها هذا العام مسلسل "السرايا".