يصوم المسلمون في أوكرانيا شهر رمضان هذا العام في أجواء مفاجئة لهم نتيجة الحرب والنزوح؛ بعد أن فرَّ 90 بالمئة منهم من منازلهم بعد بدء العملية العسكرية الروسية وهو ما أوجد فتاوى تبيح تسهيلات في أداء العبادات خلال شهر الصوم.
وحسب تصريح سيران عريفوف، رئيس مجلس مسلمي أوكرانيا، لموقع "سكاي نيوز عربية"، فإن 90 بالمئة من مُسلمي البلاد تركوا منازلهم لأنهم يتركّزون في المناطق الأكثر اشتعالًا، وتدور فيها جبهات القتال، أي في شمال وشرق وجنوب أوكرانيا.
فتاوى الطوارئ
ونتيجة ظروف الحرب، تغيّرت بعض العادات وظهرت فتاوى لتسهيل أداء العبادات خلال رمضان، فمثلًا أعلن المجلس الأوكراني للإفتاء والبحوث أنّ صلاة التراويح تُؤدَّى في البيوت نظرًا لفرض حالة الطوارئ وحظر التجوال مساءً.
ويقول سيران عريفوف إن المساجد أصبحت شبه فارغة بسبب القصف الذي تتعرض لها المدن من جانب القوات الروسية، لافتًا إلى أنّه رغم الظروف الصعبة فإنّ مُسلمي البلاد يصرون على تأدية فريضة الصوم.
وينظّم مجلس مسلمي أوكرانيا مشروع إفطار صائم طوال رمضان، وسيركّز جهوده على دعم الأسر النازحة، وفق عريفوف، داعيًا المؤسسات الإسلامية لتقديم العون لهؤلاء الأسر، من خلال إفطار الصائمين وعمل الخير.
والإسلام هو الديانة الثانية في أوكرانيا، ويقترب عدد المسلمين من المليون شخص، والتتار هم أكبر جماعة عرقية مسلمة هناك، واعتُرف بهم رسميًّا بوصفهم مجموعة من السكان الأصليين عام 2014.
وبجانب التتار (تتار القرم وتتار بغولجيا وتتار الكازان)، ينتمي مسلمو البلاد لقوميات عربية وتركية وقوقازية، يسكنون في المناطق الجنوبية والشرقية في المدن الكبرى مثل كييف العاصمة، ومدينة خاركيف ثاني أكبر المدن، والأكثر تعرضًا للقصف والحرب.
خيرسون الأكثر تضررًا
عضو مجلس مسلمي أوكرانيا، حمزة عيسى، يقول إن "مسلمي مدينة خيرسون هم الأكثر تضررًا بسبب رضوخ المدينة في الوقت الحالي لسيطرة القوات الروسية، لكننا لا نتركهم وحدهم بل نرسل لهم المساعدات واللحوم الحلال لتوزيعها، حيث إن أكثر من بقي في المدينة من كبار السن الذين لم يستطيعوا الخروج منها".
ويضيف عيسى، لـ"سكاي نيوز عربية"، أن مسجدين أُصيبا في القصف الروسي، وتحطمت بعض المباني الخاصة بدور العبادة، لكن المساجد في غرب أوكرانيا وفي العاصمة تمت إعادة فتحها، وعاد إليها المصلون.
الانخراط في الحرب
وانعكس انخراط الأوكرانيين المسلمين في الحرب "رمزيًّا" في اختيار مفتي البلاد سعيد إسماعيلوف، نزع عمامته وارتداء زيّ الحرب، وانضم إلى قوات "الدفاع الإقليمي"، للتدرّب على حمل السلاح ضد روسيا.
وشدد المفتي على أن "الحرب الروسية ضدّ أوكرانيا ستقتلنا وتقتل شعبنا، كما ستدمّر دولتنا وحريتنا"، مشيرًا إلى أن قوات الرئيس الروسي فلاديمير بوتن "تقتل المدنيين والنساء والأطفال وتدمر المنازل"، وفق قوله.
ودعا إسماعيلوف المسلمين من كل أنحاء العالم إلى دعم بلاده بكل السبل، قبل أن يتوجه في وقت لاحق إلى جميع المسلمين، متمنيًا لهم عدم المشاركة في القتال إلى جانب موسكو.
من جانبه، هنأ الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، مسلمي أوكرانيا بحلول شهر رمضان.
وقال في كلمته إن هذا الشهر يتسم بالإخلاص في أداء الصلوات والأدعية والتسامح والعمل الصالح، مضيفًا: "لكن في أوكرانيا خلال هذا الشهر تضاف فضيلة أخرى، وهي الإخلاص للشعب الأوكراني ولرفاق السلاح في المعارك لحرية أوكرانيا في حربنا من أجل الاستقلال".