في ظل الارتفاع الجنوني لأسعار السلع الأساسية والوقود يتخوف السودانيون - بعد عزلة كرونا في العام الماضي- من رمضان ثاني خال من اللمات الأسرية والاجتماعية التي ظلت تشكل المظهر الأهم للشهر الفضيل.
ودرج السودانيون طوال أيام رمضان على تنظيم الإفطارات والموائد الجماعية حيث تلتقي الأسر ثلاث أو أربع مرات أسبوعيا على مائدة أحد أفراد الأسرة؛ لكن هذه العادة اندثرت بشكل كبير العام الماضي بسبب إجراءات التباعد التي فرضتها جائحة كورونا؛ ومن المتوقع أن يتواصل التباعد خلال رمضان العام الحالي أيضا ولكن ليس بسبب الجائحة بل لأسباب اقتصادية بحتة.
وارتفعت خلال الأسابيع الثلاثة الماضية بنسب تفوق الـ 60 في المئة أسعار معظم المواد الغذائية والوقود مما قلص كثيرا القدرة الشرائية للمواطن العادي في بلد يعيش فيه أكثر من 50 في المئة من السكان تحت خط الفقر.
وقال محمود صالح وهو تاجر مواد غذائية في أحد أسواق العاصمة الخرطوم إن مبيعاتهم انخفضت بأكثر من 40 في المئة خلال الأيام الماضية التي تشكل ذروة مشتريات الموسم الرمضاني، مما يشير إلى عدم قدرة المستهلك على مجاراة الارتفاع الكبير في الأسعار بسبب تذبذب سعر صرف الجنيه أمام العملات الاجنبية.
وأوضح صالح في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية" أن الأسواق تعتمد على الواردات الخارجية في معظم السلع المستهلكة في رمضان، مما يجعل تأثير أسعار الصرف قويا على المستهلكين.
ورغم التحسن النسبي في سعر الصرف خلال اليومين الماضيين حيث يجري تداول الدولار الواحد بنحو 600 جنيها مقارنة بنحو 750 جنيها الأسبوع الماضي، إلا أن أسعار معظم السلع ظلت في ارتفاع متواصل إذ لا يتوقع التجار استمرار تحسن قيمة الجنيه في المدى القريب.
ويشير محمد عبد الله وهو موظف حكومي إلى أن الظروف الاقتصادية ستحد كثيرا من التواصل الاجتماعي المعهود خلال رمضان؛ ويوضح "ارتفعت تكلفة الوقود بأكثر من الضعفين مقارنة برمضان قبل الماضي وهو ما سيجعل من الصعب على الأسر تحمل تكلفة التنقل في ظل تباعد المسافات.
ويضيف عبد الله في حديث لـ"سكاي نيوز عربية": "ليست تكلفة النقل وحدها بل هنالك صعوبة كبيرة في تجهيز الموائد الجماعية بسبب الارتفاع الكبير في أسعار السلع".
ومثل عبد الله؛ يرى كثيرون أن الوضع الحالي وضعا استثنائيا بكل المقاييس، مما يستوجب التنازل عن العديد من العادات الاجتماعية السمحة التي تميز الشعب السوداني وتؤكد على ميله التاريخي نحو التكافل والتعاون خصوصا في شهر رمضان على أمل أن تتحسن الظروف الاقتصادية في الأعوام المقبلة وتعود لرمضان نكهته الاجتماعية المميزة.