في خطوة تهدف إلى ترقية حسّ المطالعة والقراءة في الفضاءات العامة، برزت تظاهرة "الكتاب في الشارع"، بالموازاة مع تنظيم الطبعة الـ 25 لصالون الجزائر الدولي للكتاب الذي يظلّ من أبرز المناسبات الثقافية التي تحتضنها البلاد بعد سنتين من الانقطاع بسبب وباء كورونا.

ومن بين الولايات التي احتضنت شوارع مدينتها تظاهرة "الكتاب في الشارع" نجد تلمسان (عاصمة الزيانيين) بأقصى غرب الجزائر، حيث استطاعت من خلال هذه التجربة خلق جسر مفتوح بين مواطني الولاية والمكتبة العمومية، علاوة على ترقية المشهد الثقافي المحلي، وهذا بُغية نقل الأجواء الثقافية للصالون الدولي للكتاب من الجزائر العاصمة نحو ولايات البلاد المختلفة.

وقد احتضنت "ساحة الأمير عبد القادر" وسطَ مدينة تلمسان بداية هذا الأسبوع التظاهرة من خلال برنامج ثري تضمن أنشطة وعروضا فنية حية مختلفة جمعت فنانين منشطين وجمهورا متنوعا توافد منذ الساعات الأولى باحثا عن مكانة له وسط القراء الشغوفين بعالم الكتب.

حركة ثقافية جديدة

وتهدف هذه الخطوة التي تقف وراءها مديرية الثقافة والفنون للولاية ذاتها، بحسب المكلف بالإعلام في المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية تلمسان "محمد ديب"، عبد الصمد لزعر إلى "خلق حركة ثقافية واحتفاء بالكتاب توازيا مع الصالون الدّولي للكتاب بالجزائر في طبعته الـ25، حيث ستتواصل هذه التظاهرة حتى نهاية هذا الموعد الثقافي الكبير".

ويبرز عبد الصمد لزعر في حديث لـ "موقع سكاي نيوز عربية" أن هذه المبادرة "سترسّخ العمل المشترك بين المؤسسات العمومّية والمجتمع المدني لأنَّ العديد من الجمعيات المحلية ستعمل يدا بيد مع المؤسسات لخلق البيئة الملائمة لنجاح هذه المشاريع".

الكتاب ومعارك التيارين الورقي والالكتروني

وذكر لزعر أن النّشاط الافتتاحي "انطلق عبر ورشة للقراءة التّفاعلية لفائدة أطفال المكتبة الولائية ومكتبة دار الثقافة، حيث حرص المؤطرون على أن يختار الأطفال كتبهم وفق رغباتهم من المكتبة المتنقلة التي كانت ترافق الحدث ثم رافقوهم في مغامراتهم القرائية بأساليب تربوية متعدّدة".

الكتاب يزور "مناطق الظل"

وفي السياق، سيعمل البرنامج المسطر من المنظمين على الطواف بساحات المدن الكبرى لولاية تلمسان مثل مغنية وندرومة والغزاوات، ليحط الرحال فيما بعد بفضاءاتها المفتوحة، بغية الوصول إلى مختلف الأماكن البعيدة في الولاية ذاتها والتي تسمى عادة بـ"مناطق الظل".

الجزائر.. معرض الكتاب يعود بعد إغلاق لعامين بسبب الوباء

 والرهان من وراء هذه المجهودات هو استفادة جميع المواطنين من هذه الخدمة الثقافية والمعرفية وفتح شهية الناس مهما كان مستواهم الثقافي أو الاجتماعي على القراءة، خاصة أنه هذه المرة بفضل هذه المبادرة ترك الكتاب الرفوف قادما إلى القارئ وليس العكس.

وقد أعجب المواطنون بهذه الحركة الثقافية التي خلقتها هذه المبادرة الفريدة من نوعها، خاصة أن التظاهرة تخلّلتها وصلات موسيقية ساهمت في جذب اهتمامهم واستقطابهم إلى قلب الحدث في ظل مزاوجة ذكية بين الكتاب والفن وربطهما للدلالة بحسب أحد الحاضرين أنه "لا يمكن فصلهما في بناء أي حضارة"، داعيا إلى تكرار هذا النوع من التظاهرات لغرس الاهتمام بالكتاب لدى الأجيال الصاعدة.

علاوة على ذلك، عرفت هذه التظاهرة تجاوبا كبيرا من طرف الحضور خاصة الشباب والأطفال منهم، بحيث تحولت أبرز ساحات مدينة تلمسان إلى مسرح مفتوح للمطالعة وتبادل للكتب المتنوعة، مما أضفى على المكان سحرا معرفيا خاصا وأعاد إلى الواجهة تقاليد القراءة والبحث والتبادل الثقافي.