"الدراجات الرياضية السريعة ليست حكرا على الرجال".. هذا ما تقوله المهندسة اللبنانية منى الخطيب أو "موني" كما يعرفها الجميع، وهي من القليلات من الجنس اللطيف اللواتي اخترن ممارسة هذه الهواية الخطيرة إلى حد ما.
وفي منافسة فريدة، تشكل منى تحديا لزملائها من السائقين الذكور في قيادة الدراجات النارية على الطرق وفي السباقات الخاصة، بل تتفوق عليهم غير آبهة بالمخاطر التي تواجهها وبحوادث الدراجات الكثيرة في لبنان.
الحديث مع مهندسة الاتصالات والكمبيوتر الشابة يأخذك إلى مصطلحات بعيدة عن تلك التي تعرف باختصاصها العلمي، لتنتقل معها إلى عالم من العبارات يصعب على من لا يعرف تقنيات الدراجات النارية معرفتها، بدءا من قوة الدراجة والمعلومات الميكانيكية الخاصة بها، وصولا إلى أسماء السباقات وأنواعها.
وعن هذه الهواية تقول ابنة بلدة شبعا الحدودية لموقع "سكاي نيوز عربية": "بدأت قصتي مع الدراجة النارية عام 2005 بعد نزهة دعاني إليها أحد الأصدقاء على طرق بيروت لمدة قصيرة. كانت الجولة كافية لتشعل في داخلي أحاسيس المغامرة وتجعلني أتعلق بهذه الهواية الممتعة والخطرة في آن معا. أحتاج إلى دقة وتركيز وحسابات صحيحة كي لا أكون عرضة لأخطاء مميتة".
البداية
دخلت منى المجال بشغف واشترت دراجة صغيرة تدربت عليها، وكان نشاطها آنذاك سريا للغاية إذ لم يكن من السهل أن يقتنع الأهل والأصدقاء بهذه الهواية التي يعتبرها البعض ذكورية بامتياز خصوصا في البلاد العربية، لتركب اليوم دراجتها السوداء القوية جدا التي يدفعها محرك هادر يكاد ينافس السيارات الرياضية بحجم ألف سنتيمتر مكعب.
وأضافت: "لهذا كنت أخفي دراجتي عن الأعين، وكذلك الزي الرياضي المخصص لها مع خوذة حماية الرأس في سيارتي لتجنب أي تدخل يعيق هوايتي".
وتابعت: "أنا ابنة الطبيعة وأعشق عالم الصيد والرحلات، وأمارس كذلك هوايات الغطس وركوب الخيل والقفز بالمظلات".
وعن معرفة أهلها بقيادتها للدراجة قالت الخطيب: "أوقفني مرة حاجز أمني وطلب مني الأوراق الثبوتية ورخصة القيادة للتحقق منها، وفي هذه الأثناء توقفت سيارة عسكرية بالقرب مني وكان والدي الضابط في الجيش اللبناني سابقا داخلها، عندها قلت للشرطي أنا ابنة العميد الخطيب وأشرت إلى والدي الذي ذهل من هول الصدمة، وانطلقت مسرعة على الطريق. طلب أبي حينها أن أبيع الدراجة، ولا يزال حتى اليوم يصر على ذلك في كل مناسبة، خشية منه على حياتي".
وتابعت ضاحكة: "أمارس هوايتي بكل انضباط وبلا تهور، وكل أعضاء فريقنا Super Bike Riders Group هم إخوتي ويخافون علي كثيرا، رغم فوزي الدائم عليهم".
وسيلة نقل اقتصادية
في نهاية الأسبوع، تمضي المهندسة المولعة بسباق الدراجات يوم عطلتها في المناطق المخصصة لقيادة الدراجات النارية، أبرزها في جادة الميناء بمدينة طرابلس شمالي لبنان، التي يطلق عليها هواة سباق الدراجات "الزفت الأسود"، وتعود في أغلب الأحيان إلى بيروت منتصرة على المجموعات التي شاركت معها.
منى لا تهوى قيادة السيارات بقدر حبها للدراجة النارية التي تحرق إطاراتها على المضمار، حتى لو كلفها الأمر شراء إطارات جديدة، وهي إلى جانب هذه الهواية تعمل على تعليم قيادة الدراجات النارية وتقول: "حاليا كثر عدد النساء اللواتي يقُدن الدراجات النارية الصغيرة للوصول إلى عملهن توفيرا للبنزين".
وتضيف: "لطالما عارضت والدتي ممارسة هوايتي إلا أن أمي الحاجة عايدة صارت تركب الدراجة خلفي لأوصلها إلى حيث تريد".
وتتمنى الخطيب الالتفات لهواة هذه الآلة التي تعتبر وسيلة نقل اقتصادية، وتطالب بتأمين الطرق المناسبة لها بعد الارتفاع الكبير في أسعار الوقود، حيث ترى إمكانية أن تحل الدراجة النارية الصغيرة بعض مشاكل التنقل في لبنان.
وتختم حديثها قائلة: "لا أشعر بغرابة لأنني أنثى بين الكثير من الذكور في هذه الهواية، فقد عشت حياة مشابهة أثناء دراستي للهندسة في الجامعة التي تضم أكثر من 90 بالمئة من الطلاب الذكور في هذا الاختصاص".