يُنهي الموت الأحلام ويهدم الخطط، فتكون آخر وثيقة يجري الحصول عليها هي"شهادة الوفاة"، لكن باحثة متفوقة في مصر نالت درجة الدكتواره بعدما فارقت الحياة.
ولأول مرة في جامعة القاهرة، قررت كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، تكريم الباحثة بالكلية وعضو هيئة التدريس، بمناقشة رسالة الدكتوراه الخاصة بها على الرغم من وفاتها.
ويحكي الدكتور محمود السعيد، عميد الكلية، تفاصيل مناقشة الرسالة قائلًا: "في رمضان الماضي تعرضت الدكتورة شيماء لحادث أليم، توفي على إثرها نجلها في الحال، وظلت هي في غيبوبة لمدة ثمانية أشهر حتى توفيت".
وتابع السعيد في حديثه مع موقع "سكاي نيوز عربية": "قُبيل الحادث كانت الدكتورة شيماء على شك الانتهاء من الرسالة، ولذلك قامت الدكتورة عادلة رجب المشرفة على رسالتها بالتواصل مع أهلها، والسعي لمناقشتها ومنحها رسالة الدكتوراه، لتكريمها لكونها نموذجًا يحتذى بها ويجب تقديرها".
موافقة بالإجماع
وبعد وفاتها، عرض السعيد الأمر على رئيس جامعة القاهرة ليقوم بعرضه على مجلس الجامعة والذي وافق بالإجماع على مناقشة الرسالة: "لا يضيع الله أجر المحسنين، ولأن الدكتورة شيماء رحمة الله عليها كانت نموذجًا لعضو هيئة التدريس المتفانية في عملها، الملتزمة في أخلاقها، المتميزة في علمها".
وأعلنت الصفحة الرسمية لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" في الثاني عشر من ديسمبر الماضي، عن وفاة صاحبة الدكتوراه الشرفية شيماء الزلاط، وسط عشرات رسائل التقدير والامتنان من قِبل الأساتذة والطلاب الذين تعاملوا معها.
وأضاف "السعيد" في حديثه مع موقع "سكاي نيوز عربية" أن: "عددا كبيرا من أهلها كانوا متواجدين كـوالدتها وزوجها وابنتها حبيبة بجانب عدد من زملائها في الجامعة. فالرسالة مهمة للغاية لكونها تتناول موضوع الاقتصاد الأخضر، خاصة مع استضافة مصر لقمة المناخ هذا العام، والتي ترتبط بالاقتصاد الأخضر والاستثمار فيه".
الاستفادة المستقبلية
وعن الاستفادة من الرسالة في المستقبل، أكد عميد الكلية: "هي عمل بحثي متميز، وستتم الاستفادة منه عن طريق تواجد نسخ منها في مكتبة الكلية والجامعة للإطلاع عليها من قبل طلاب الدراسات العليا، بجانب تقديم بعض الوزرارات المهتمة بالاستثمار في الطاقة النظيفة لطلب نسخة منها كوزارتي التخطيط والصناعة والتجارة للاستفادة من النتائج الموجودة فيها".
وأردف السعيد في حديثه مع موقع "سكاي نيوز عربية" أن: "من الممكن أن يتم تدريس بعض الأجزاء من المحتوى الموجود في الرسالة للطلاب عن طريق الأساتذة في قسم الاقتصاد"
وتم تشكيل اللجنة المعنية بمناقشة رسالة الدكتوراه من قِبل الدكتورة منى البرادعي عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية السابق، والدكتورة نيهال المغربل، نائب مجلس الشيوخ المصري، ونائب وزير التخطيط الأسبق، والدكتورة عادلة رجب الأستاذ المتفرغ بقسم الاقتصاد والمشرفة على الرسالة.
درجة الامتياز
وبحسب عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، فقد رأت اللجنة أن رسالة الراحلة تستحق الحصول على درجة الدكتوراه في الاقتصاد بتقدير ممتاز: "هذا الأمر في الحقيقة قرار إنساني للغاية، أسعد جميع المنتمين لكلية الاقتصاد والعلوم والسياسية، لكونه أوضح للجميع أن من يعمل ويجتهد سيحصل على نصيبه حتى لو حدث له أي ظرف، بما ذلك الوفاة".
وحول مشاعر أسرة الراحلة، قال عميد كلية الاقتصاد والعلوم والسياسية إنها كانت جياشة وسعيدة للغاية لأنهم رأوا أن تعب الراحلة لم يذهب هباءً، "وأعربوا لنا في أكثر من مرة عن امتنانهم وتقديرهم للكلية وإصرارها على استكمال إجراءات المناقشة، وأنهم مرتاحون نفسيًا بعد ذلك الأمر".