علت صيحات الابتهاج داخل معبد الأقصر، عقب اكتشاف رجال البعثة الأثرية المصرية بالمنطقة لمجموعة من الآثار الملكية الهامة، خلال أعمال الحفائر القائمة أسفل قصر "توفيق باشا أندراوس" الذي أُثير حوله الكثير من الجدل بعد قرار الحكومة بهدمه في العام الماضي.
وأزيل المبنى في أغسطس الماضي، بعد 125 عاما من تشييده وهو أحد قصور توفيق أندراوس، العضو في مجلس النواب المصري إبان ثورة 1919، وشهد المنزل العديد من الأحداث الهامة مثل استقبال سعد زغلول أثناء أزمته مع الإنجليز وعدد من ملوك أوروبا، وفي عام 2013 عُثر على ابنتي "توفيق" مقتولتين في حادث غامض.
ويتحدث أحمد عربي، مدير معبد الأقصر، إلى موقع "سكاي نيوز عربية" عن الكشف الأثري الجديد قائلا: "بدأت أعمال الحفائر في شهر سبتمبر بعد فترة وجيزة من هدم القصر، كان لدينا مؤشرات عديدة على وجود العديد من القطع الأثرية في المنطقة حيث يقع البيت على مساحة 37 مترا داخل معبد الأقصر".
ويضيف عربي لموقع "سكاي نيوز عربية": "انهمك رجال البعثة المصرية في عملهم بدقة متناهية، الخطوة الأولى تحتاج إلى التعامل بصبر مع طبقات الأرض، قمنا بإزالة أرضية القصر والتنقيب لمسافة قصيرة في الأسفل لنجد أمامنا شواهد رومانية وقطعا فخارية وأحجارا رملية تعود إلى عصر الملك أمنحتب الثالث والملك رمسيس الثاني، شعرنا أن تلك الاكتشافات هي أول الغيث".
ويسترسل المُشرف على أعمال الحفائر لموقع "سكاي نيوز عربية": "مع مزيد من التنقيب فوجئنا بالعثور على 132 عملة برونزية ومائدة قرابين تعود إلى العصور الرومانية ثم لوحة جنائزية من الجرانيت الأسود عرضها 46 سم وطولها 90 سم تحمل نقوش جميلة تصور لقاء بين الملك تحتمس الرابع وأمنحتب الثاني خلال تقديمهما القرابين للإله أمون".
ويتابع عربي لموقع "سكاي نيوز عربية": "التقطنا أيضا رأس كبش صغير ومائدة قرابين مجهزة لحمل الأواني الفخارية ولوحة بها رسوم عن الملك بطليموس فضلا عن أفران للطهي وأخرى لصناعة الأواني المستخدمة في الحياة اليومية ونتوقع اكتشاف المزيد من القطع الأثرية مع استمرار أعمال الحفائر أسفل قصر (أندراوس)".
عناية وترميم
ويذكر عربي لموقع "سكاي نيوز عربية" الخطوات التي تمر بها الاكتشافات الأثرية بعد العثور عليها: "يعكف فريق من المتخصصين على تنظيفها جيدا والتقاط العديد من الصور لها لتسجيل حالتها بعد الاكتشاف مباشرة، وتحتاج بعض القطع إلى الترميم قبل نقلها إلى مصاطب داخل المعبد صُنعت خصيصا للحفاظ عليها قبل أن توضع في وقت لاحق داخل أحد المتاحف".
ويردف مدير معبد الأقصر لموقع "سكاي نيوز عربية": "تدور الآن أعمال حفائر في الطبقة الثانية من التربة، هناك سرداب من الطوب اللبن قد يؤدي إلى كشف أثري جديد سيتم فتحه خلال الفترة المقبلة، أعتقد أن الأقصر التي تضم أعداد ضخمة من الكنوز الأثرية تحوي في باطنها الكثير عن الحضارة المصرية القديمة".
ويُشيد عربي بالبعثة المصرية الخالية من عناصر أجنبية التي تُحقق اكتشافات مدهشة في معبد الأقصر والتي تضم نحو 60 شخصا من أثريين ومرممين وعمال من ذوي الخبرة، مؤكدا لموقع "سكاي نيوز عربية" أن توجه الدولة المصرية في السنوات الأخيرة نحو تدريب رجالها في الآثار وإصقال خبراتهم ومنحهم العديد من الفرص يؤتي ثماره يوما بعد يوم.
وعن اعتراض عدد من عشاق الآثار المصرية والخبراء حول هدم قصر "أندراوس" يقول عربي لموقع "سكاي نيوز عربية": "شاركت في اللجنة التي رصدت حالة القصر قبل إزالته كانت حالته مزرية، المبنى آيل للسقوط والجدران متهالكة، فضلا عن ارتفاع منسوب المياه الجوفية وبالتالي يُهدد المارة ويشكل خطورة داهمة على زوار معبد الأقصر".
ويؤكد المُشرف على أعمال الحفائر أسفل قصر "أندراوس" أن اللجنة كتبت تقريرا مفصلا عن حالة المبنى القديم قبل صدور قرار رسمي من محافظة الأقصر بموافقة الحكومة المصرية على ضرورة هدمه للحفاظ على الأرواح، موضحا لموقع "سكاي نيوز عربية" رصد جميع المقتنيات النادرة داخل البيت ونقلها إلى مخزن المحافظة لتسليمها إلى الورثة بعد ذلك.
ويختتم عربي حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية" قائلا: "ما يدور في معبد الأقصر لن يحدث دون توافر الإمكانيات وتذليل كافة العقبات من وزارة السياحة والآثار ومصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، بجانب جولاتهم المستمرة في المحافظة لبث روح الحماس والثقة داخل رجال البعثة المصرية في المنطقة".