لم يكن فيلم "بشتقلك ساعات"، الذي أثار حالة من الجدل؛ مؤخرا؛ بعد عرضه بمهرجان برلين السينمائي في دورته الـ 72، الأول في الحديث عن المثلية الجنسية، بل سبقته أفلام كثيرة.
"بشتقلك ساعات" فيلم من إنتاج مصري لبناني ألماني، تدور أحداثه حول قضية المثلية الجنسية، عبر قصة حب تنشأ بين رجلين، استخدم فيها المخرج مزيجا من الحكايات والقصص التراثية والشعبية العربية، مع استبدال المرأة في العلاقات برجل؛ لتكون العلاقة بين رجلين وليس برجل وامرأة.
أمر شائكٌ
ويظل طرح موضوع المثلية أمرا شائكا، رغم أن طرح فكرة المثلية في السينما ليس جديدًا، إذ سبق أن قدمت الفكرة أكثر من مرة.
وقدم الفيلم المصري "حمام الملاطيلي" تلك القضية الشائكة وبشكل صريح؛ حينما جسد الفنان يوسف شعبان شخصية رسام يُدعى "رؤوف" وهو شاب مثلي يصطاد الرجال من حمام الملاطيلي، ونتج عن جرأة الفيلم في التناول منع عرضه وقتها بدور السينما عام 1973.
وتداخل الفيلم ذاته مع فيلم آخر وهو فيلم عمارة يعقوبيان، حيث تم تقديم المثلية من خلال تناول العمل لحياة صحفي مشهور يقوم بعلاقات مع عدد من الرجال وجسد هذه الشخصية الفنان خالد الصاوي.
وقام صناع الفيلم المصري "إسكندرية ليه" للمخرج يوسف شاهين بتقديم نموذج الرجل المثلي جنسيا الذي يقع في حب جندي إنجليزي وأظهر الفيلم العلاقة بين الرجلين في شكل عاطفي.
وجسدت الفنانة المصرية مديحة كامل قضية المثلية في السينما، من خلال دورها كعميلة للموساد الإسرائيلي، ضمن أحداث الفيلم السينمائي "الصعود إلي الهاوية".
والأمر ذاته تكرر مع الفنان المصري فاروق فلوكس، الذي جسد المثلية في السينما بطريقة مختلفة حيث جسد شخصية "صبي الراقصة" للتلميح بمثليته الجنسية بالفيلم المصري "الراقصة والسياسي".
وبرر الفنان المصري فاروق فلوكس تجسيده للدور خلال تصريحاته لموقع "سكاي نيوز عربية" بأنه قَبِل تجسيد هذا الدور لهدف معين وهو تغيير الأفكار المغلوطة لدى البعض تجاه الراقصة.
وقال فلوكس إن قصة "الراقصة والسياسي" من تأليف إحسان عبد القدوس وسيناريو وحوار وحيد حامد؛ "لذلك قبلت دور "صبي الراقصة" والجمهور أحبّه كثيرًا ولم يكرهه".
وأوضح أنه "لم يجسد أي لفظ خارج أو مخل بالآداب فهو فقط غير طريقة المشى وأدائه حتى يكون هناك تلميحات بـ"مثليته الجنسية".
وبحسب فلوكس في حواره لموقع سكاي نيوز عربية فإنه "لم يتخوّف على الإطلاق من تجسيد الدور منذ أن عرض عليه للمرة الأولى لأنه لم يتسبب في ضرر لأحد من خلال جسيده للدور".
وشدد على أنه "لا يقبل فكرة تقديم المثليين في الأعمال الفنية بشكل عام لأنهم شيء خارج إطار القاموس الطبيعي للأخلاق"، مشيرًا إلى أنّه "ضد هذا الفكر حتى لو كان هناك مبرر فني لتقديم مشاهد فجة لتقديم موضوع المثلية الجنسية".
تيار جديد
من جهته؛ يرى الناقد الفني محمد عبد الرحمن أن تناول الأعمال الفنية لـ"المثلية الجنسية" أمر شائك لأن المجتمع منقسم بشأن قبول المثليين؛ أغلبية ترفض وأقلية تتعاطف ؛ "ورغم ذلك، هذا ليس معناه أن نروج لهم أو نحبذ وجودهم بشكل شرعي".
وأوضح عبد الرحمن لموقع "سكاي نيوز عربية" أنَّ "الفن دوره ملتبس كثيرًا، ودوره على المحك من خلال وجهة نظر أي فئة تعرض القضية الشائكة".
وتابع "قديمًا كان يتم تناول المثلي جنسيًّا على أنه شخص استثنائي ولظروف معينة وتكون نهايته غير جيدة مثلما حدث في الفيلم المصري عمارة يعقوبيان".
وفي سياق متصل؛ أشار الناقد الفني إلى أن هناك تيارا جديدا في الفن مدعوما بأفكار مختلفة يريد أن يجعل المجتمع يتقبل هذه الشخصيات دون محاكمة؛ ومن هنا يأتي الصدام وسيظل هذا الصدام مستمرًا لفترة طويلة لأن القائمين على هذا الطرح الفني مستمرون رغم الهجوم عليهم".
واستطرد قائلًا "تكرار الجدل حول هذا الأمر يجعلنا نضع في اعتبارنا أن المثلية الجنسية قضية حساسة ويجب تناولها بحساسية الفن، وليس بشكل مباشر نظرًا لحساسيتها ولأنها قضية شائكة".
وختم بقوله "يجب على الفنانين الأخذ في الاعتبار أنَّ هذه النوعية من الأدوار خاصة بعد مشكلة فيلم أصحاب ولا أعز لا يمكن الاستهانة برد فعل الجمهور تجاهها، خاصّةً في مجتمع لا يتقبل هذا الأمر".