أثارت دعوة شيخ الأزهر الإمام الأكبر أحمد الطيب، إلى ضرورة إحياء فتوى "حق الكد والسعاية" لحفظ حقوق المرأة العاملة التي بذلت جهدًا في تنمية ثروة زوجها، ردود فعل واسعة من مختلف الجهات المصرية.
وتمنح فتوى "الكد والسعاية" الإسلامية الزوجة نصيبًا يصل إلى النصف من ميراث زوجها، في حال كانت مشاركة بالكسب خلال حياتهما الزوجية، وتحكم لها بنصيب الإرث الإسلامي العادي في النصف الباقي.
وكان الإمام الأكبر طالب بضرورة إحياء تلك الفتوى، في ظل المستجدات العصرية التي أوجبت على المرأة النزول إلى سوق العمل ومشاركة زوجها أعباء الحياة، مشدّدًا على حرص الشريعة الإسلامية على صون حقوق المرأة وكفالة كل ما من شأنه حفظ كرامتها.
وأحدثت الدعوة الأزهرية ترحيبًا واسعًا من جهات رسمية ومنظمات مجتمع مدني في مصر، مؤكّدين سعي الأزهر لحفظ حقوق المرأة العاملة من التغول عليها.
بدوره، قال عضو هيئة كبار العلماء، محمود مهنا، في تصريحات خاصة لـ"سكاي نيوز عربية"، إن الشريعة الإسلامية تكفّلت بحفظ حقوق المرأة من كل النواحي حيث جعلت لها ذمة خاصة، بينما ألزمت الرجل بكل الحقوق المالية؛ بدايةً من تأسيس منزل الزوجية حتى النفقات اليومية.
وأضاف أن المرأة العاملة إن أرادت أن تعين زوجها على نفقة الحياة فهذا من باب حسن المعاملة، إلا أنها غير مجبورة على هذا الموضوع شرعًا، وبالتالي فإن إحياء فتوى "حق الكد والسعاية" تضمن للمرأة حقوقها المالية كاملة حال حدوث ضرر.
حفظ حقّها المالي
وهذا ما أشارت إليه أستاذة الفقه المقارن بجامعة الأزهر، فتحية الحفني، في تصريحات لـ"سكاي نيوز عربية"، بأن المرأة في هذا الزمن خرجت إلى مجال العمل وتسهم بجزء أو بالكثير من إنفاق الأسرة ومساعدة الزوج في ذلك، وبالتالي فهذه الفتوى تحفظ حقها المالي بعدما كانت عاملًا مساعدًا في تكوين الثروة.
وقالت الحفني إن هذه الحقوق قد تكون مكتوبة أو محل اتفاق بين الزوجين، بما يضمن للمرأة حقها الذي أنفقته حال حدوث انفصال أو وفاة الزوج.
وأوضحت أستاذة الفقه المقارن أن المال الذي يجمع بين الزوجين وجب أن يكون مناصفةً بينهما إن كان بالتساوي، أما إن كان إنفاق المرأة أكبر ففي هذه الحالة قد يكون التقسيم "الثلث إلى الثلثين" حسب مشاركة كليهما في تلك الثروة.
وحسب الحفني، فإنه حال وفاة الزوج فإن لزوجته أن تحصل على نصف الثروة التي حققها أثناء ارتباطه بها، أولًا، ثم توزع التركة وفق الشريعة الإسلامية وتحصل على نصيبها وهو الثّمن.
وشدّدت على أن تطبيق هذه الفتوى بات من الأهمية بمكان لحفظ حقوق المرأة، لأنها قد تتعرّض في يومنا هذا لظلم أو تعسف.
وسبق أن قال الدكتور علي جمعة، مفتي مصر الأسبق عضو هيئة كبار العلماء، إن كثيرًا من فقهاء المالكية أفتوا بحق الزوجة في اقتسام ثروة زوجها التي اكتسبها خلال فترة زواجهما بقدر جهدها وسعايتها؛ ومنهم شيخ المالكية في عصره العلامة أبو العباس أحمد بن عرضون.
إشادة حقوقية
وحظيت دعوة شيخ الأزهر لتطبيق الفتوى بإشادة واسعة من المجلس القومي للمرأة في مصر، كما قدمت ناشطات وحقوقيات مهتمات بحقوق المرأة الشكر إلى شيخ الأزهر لدعوته لإحياء هذه الفتوى، ودعت عدد منهنّ إلى تأصيلها قانونيًّا.
وقالت عضو المجلس القومي للمرأة، رانيا يحيى، في تصريحات لـ"سكاي نيوز عربية"، إن تلك الفتوى أحدثت صدى إيجابيّا في مصر "لأنها جاءت من شيخ الأزهر، لِمَا له من قيمة دينية كبيرة ويؤخذ برأيه في العالم العربي والإسلامي أجمع، وله دور مؤثّر على الرأي العام".
وأضافت أن "تلك الفتوى تضمن حق الزوجة بعد سعيها للمشاركة مع الزوج، وهذا أمر مهم لأنه يؤكّد على الدور الإيجابي الذي تلعبه الزوجة مع زوجها داخل الأسرة ويضمن لها حياة كريمة بدون تعسف أو قهر".
وأكدت يحيى أن "الزوجة هي الشريك الحقيقي للزوج في كل أمور حياته لأنّ هذا أمر فعلي وواقعي، وبالتالي فالتطبيق الرسمي لتلك الفتوى يؤكّد أحقية الزوجة لكل الحقوق المادية والمعنوية للأسرة".