وقعت في مصر بالآونة الأخيرة جرائم عدة، يجمعها عامل مشترك، وهو تعاطي مرتكبيها مخدرا يدعى "الشابو" أو "الكريستال"، وهو مخدر اكتشف في القرن التاسع عشر واستخدمه الجنود الألمان بكثرة في الحرب العالمية الثانية، حيث يسهل صناعة مادته وتجهيز المواد الأولية التي تتداخل في تحضيرها.

وتقول الدكتورة أميرة إمام، أخصائي السموم الإكلينيكية في مركز سموم المنصورة، إن مخدر الشابو هو مادة "الميثامفيتامين"، وهي من مشتقات الأنفيتامين، واسمه الآخر هو "الكريستال" بسبب الشبه بينه وبين الكريستال، وأول ما عرف كان في الحرب العالمية الثانية لأنه كان يعطي الجنود طاقة ونشاطا كبيرا يمنع النوم، بعكس أنواع أخرى من المخدرات التي كانت تسبب النعاس.

الشابو يسبب هلاوس وتهيؤات وأعراض نفسية شديدة

وأضافت أن هذا المخدر "يتميز بأن إدمانه سريع للغاية، ويعطي قوة ونشاط للمخ ما يزيد إقبال المدمنين عليه، لكن مشكلته أنه يسبب بعد ذلك تهيؤات وهلاوس، وله تأثير شديد على النواحي النفسية فيسبب أمراضا نفسية مثل الشيزوفرينيا وجنون الارتياب، كما تظهر على المتعاطي له عدوانية شديدة، إضافة إلى تأثيره على الصحة حيث يسبب الفشل الكلوي والفشل الكبدي، ومن الممكن لجرعة زائدة بنسبة قليلة للغاية أن تؤدي لتشنجات وانفجار في شرايين المخ وزيادة كبيرة في ضغط الدم، كما أن علاجه صعب للغاية وفي حالات كثيرة تؤدي أعراضه للانتحار".

وبينت أميرة أن: "مخدر الشابو شاع في البداية في الصين والهند، ثم وصل لمصر عن طريق التهريب، ورغم أن سعره مرتفع إلا أن الغرام الواحد يكفي عددا من المتعاطين ما يجعلهم يشتركون في شراءه".

أخبار ذات صلة

ليبيا تغرق في المخدرات.. مصير أسود ينتظر دول الجوار
الأمن اللبناني يحبط تهريب كمية مخدرات ضخمة إلى السودان

جرائم وقعت بسبب "الشابو"

ولفتت أخصائي السموم الإكلينيكية في مركز سموم المنصورة إلى أن هناك حالات جرائم في مصر تسبب فيها هذا المخدر مثل جريمة الإسماعيلية، التي قام خلالها شخص بقطع رأس آخر أمام المارة تحت تأثير هذا المخدر، وهناك جريمة أخرى وقعت بالدقهلية حينما قتل شاب زوجته لنفس السبب.

التصنيع المحلي يجعل "الشابو" أكثر خطورة

من جانبه قال الدكتور نبيل عبد المقصود، أستاذ علاج الإدمان والسموم بكلية الطب جامعة القاهرة، إن الشابو مشكلته الرئيسية أنه بدأ تصنيعه محليا في مصر و90 بالمئة من المواد المضافة ليست أنفيتماين، حيث تضاف عليه مواد مثل الأسيتون، والكولة، ومجموعة من المواد التي تجعل الإنسان يغيب عن الوعي وتؤثر على جهازه العصبي وهي مواد أضرارها تفوق الشابو المهرب من الخارج بنسبة 250 مرة.

أبرز الأعراض

وأضاف أن "أهم الأعراض أن المتعاطي يفقد السيطرة على نفسه، ويشعر بأن لديه نشاطا وقوة وطاقة أكثر مما يحتمله جسده، فضلا عن فقدان السيطرة على التفكير، ورؤيته هلوسات تجعله يقوم بأشياء لا يستطيع القيام بها في وضعه الطبيعي، وقد يضر نفسه أو يضر من حوله، ويسبب إصابات له أو لمن حوله دون وعي، ثم يعود لوضعه الطبيعي بعد ذلك".

حرب فيتنام.. أبشع الحروب

وتابع بالقول: "ومن الأعراض الجسدية إصابة المريض بحالة إغماء أو تشنجات، إضافة إلى رفع ضغط الدم، وفي حال وجود وريد ضعيف فإنه ينفجر ويسبب نزيفا فوريا، كما يؤدي إلى زيادة دقات القلب أو توقف القلب تماما لو لم يكن بحالة جيدة، ولهذا المخدر تأثيره المباشر على الجهاز العصبي والجهاز التنفسي".

الجرام يكفي عددا كبيرا يشتركون في دفع ثمنه

 

ويشير أستاذ علاج الإدمان والسموم بكلية الطب جامعة القاهرة أن "هذه المادة منتشرة في مصر بشكل كبير، رغم ارتفاع سعرها فالغرام سعره يزيد عن 1000 جنيه، وهو ما يوازي سعر الكوكايين، لكن هناك فارق جوهري هو أن الغرام يكفي شخص واحد في حالة الكوكايين، لكن الغرام من مادة الشابو يكفي عشرة أشخاص وبالتالي يشتركون في ثمنه ويدفع كل شخص ما يقارب 100 جنيه فقط".

الوعي... السلاح الوحيد لمحاربة الشابو

ويختتم الدكتور نبيل عبد المقصود حديثه بالتأكيد على أن: " إدمان هذه المادة من أول جرعة تعاطي، وليس له علاج، سوى علاج للعرض وليس المرض، عبر رفع وعي الشعب، لكن لا يوجد علاج طبي، وفي حالة إدمان شخص فإننا في مراكز علاج الإدمان نحاول ضبط بعض الأعراض له حتى يعود لوضعه الطبيعي بشكل مبدأي فقط، وهناك الكثير من الجرائم التي حدثت بسبب هذا المخدر، وبالتالي لابد من نشر الوعي بين الشباب، والتأكيد على أن هذا المخدر سريع الإدمان وقاتل للشخص الذي يستعمله ولمن حوله".