القت الأزمة الاقتصادية والرقابة المشددة على النصوص والأعمال بآثار سالبة على المسرح السوداني الذي ظل لسنوات أداة لمعالجة العديد من القضايا الملحة، التي أسهم في حدوث تغييرات كبيرة في المجتمع.

عودة الحياة للمسرح السوداني

 وخلال الفترة الاخيرة اقتصر دور المسرح السوداني على عروض وصفت بالضعيفة في أوقات متباعدة بسبب غياب التمويل؛ كما أثرت الرقابة في تحجيم المسرحين حيث هجر المئات منهم المهنة واتجهوا لامتهان مهن بديلة لمواجهة تقلبات الحياة في بلد يعاني من أزمة اقتصادية طاحنة.

خطر الانقراض

يخشى مسرحيون في السودان من اضمحلال أكبر في القطاع المسرحي، بسبب عدم اهتمام الدولة بدعم الإبداع والمبدعين؛ ويشيرون إلى أن العمل المسرحي في خطر ما لم تهتم به الدولة.

ويقول الممثل والدرامي مصطفى جار النبي في حديث لموقع سكاي نيوز عربية أن المئات من المسرحين تركوا العمل الدرامي والمسرحي في السودان خلال السنوات الماضية. ويعزو ذلك لغياب الدعم المالي من قبل الدولة خاصة في سنوات حكم نظام الإخوان، ويوضح أن قادة الإخوان إبان حكمهم كانوا ينظرون للدراما والعمل المسرحي بأنه "بدعة" بسبب مطلقاتهم الفكرية فأهملوه ولم يسعوا لدعمه ماليا.

أخبار ذات صلة

بعد أن أطفأها الإخوان.. الأضواء تعود للمشهد الثقافي السوداني

 

وأكد أن ذلك أسهم في تشريد مئات المسرحين بعضهم اتجه لأعمال أخرى وكثير منهم سلك طريق الهجرة.

ويشدد جار النبي على أن الرقابة الأمنية على الأعمال الدرامية وتدخل أيادي الرقيب في بعض الأعمال التي تبث رسائل خاصة بالوعي، أثر نفسيا على كثير من المبدعين ما جعلهم غير راغبون في انتاج أي أعمال.

بين الفنون و المتاحف.. رجولة مرهفة !

 

الهروب

لم يجد الدرامي موسى باب الله طريقا لمواصلة أعماله المسرحية سوى الهروب من السودان في تسعينيات القرن الماضي، حيث اضطر للهجرة إلى أوروبا عقب اعتقاله من مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور في بدايات حكم البشير، بسبب تقديمه لمسرحية قال إنها انتقدت طريقة سيطرة الإخوان على السلطة.

ويوضح باب الله أنه منذ إطلاق سراحه والتحقيق معه من قبل جهاز أمن البشير غادر البلاد إلى أوروبا بعد أن أدرك أن السودان أصبح مكانا غير ملائم للأبداع.

 ويقول لموقع سكاي نيوز عربية عبر الهاتف من "لندن" إن هضم حقوق المثقف بشكل عام في السودان ومطاردتهم من قبل الأجهزة الأمنية واحدة من أسباب عزوف البعض عن المسرح. ويؤكد بأنه فضل الهجرة لجهة أن نظام الإخوان كان يعتبر الثقافة والعمل الدرامي من أكبر أعدائه لما يبثه من رسائل توعوية تبصر المواطنين بحقوقهم، ويرى باب الله أن انشغال الدراميون بكيفية توفير سبل العيش الكريم لهم وأسرهم أثر في طريقة تفكيرهم فكثير منهم لم يعد قادراً على إنتاج أعمال درامية جديدة.

إهمال الدولة

يتهم الكثير من المسرحيين الدولة بالتقصير، إذ يرون انها لا تمنح شريحة الدراميين الاهتمام المناسب؛ مشيرين إلى أن المسرح ظل مهمشا من جميع الحكومات التي تعاقبت على الحكم بالبلاد.

ويقول الصحفي المهتم بالعمل الثقافي مصعب الهادي لموقع سكاي نيوز عربية إن المشكلة تكمن في أن الثقافة ظلت دائما ليست من الاولويات في بلد مازال يبحث عن حلول للأزمات المعيشية والاقتصادية، ولم يصل لمرحلة الرفاهية بعد.

أخبار ذات صلة

الدراميون السودانيون في العهد الجديد: تطلعات ورؤى وأحلام

 

ويعيب الهادي على الدراميون انخفاض صوتهم وعدم قدرتهم على عكس مشكلات وأزمات المسرح السوداني.

التغيير المنتظر

بعد التحول الكبير في السودان، عقب إسقاط نظام الإخوان عبر ثورة شعبية في 11 أبريل من العام 2019، يأمل المسرحيون في أن تتجه الدولة نحو توفير الدعم اللازم له بغرض تحفيزهم على الإبداع كما يقول الناقد المسرحي صلاح نجم الدين لموقع سكاي نيوز عربية.

 ويطالب نجم الدين بتأهيل كل دور المسارح في ولايات السودان المختلفة من بينها مسرح أمدرمان العريق وتهيئته ليواكب وشكل التغيير الذي ساد السودان، وتابع " الحكومات التي تحارب الابداع والمبدعين لا يمكنها الاستمرار لان الثقافة هي واحدة من وسائل تبصير وتوعية الشعوب".