فجرت قضية انتحار الطالبة المصرية، بسنت شلبي، إثر تعرضها للابتزاز غضب الرأي العام في مصر، وأثارت الواقعة الرهيبة سؤالا مهما: كيف يمكن حماية النساء من الابتزاز في عصر الإنترنت خاصة مع تزايده إلى مستويات قياسية؟

واشتعلت منصات التواصل الاجتماعي في مصر بقصة الفتاة بسنت خالد شلبي التي أنهت حياتها، تحت وسم"حق بسنت لن يضيع".

وكانت وزارة الداخلية المصرية أعلنت في وقت سابق إلقاء القبض على متهمين اثنين في واقعة وفاة الطالبة بسنت شلبي، والمعروفة إعلاميا بـ"ضحية الابتزاز".

وذكرت أنه بعد عمليات البحث والتحري خلال الأيام الماضية، حددت أجهزة الأمن المصرية مكان اختباء الشخصين المتهمين بابتزازها، بمقاطع فيديو وصور مزيفة، مما دفعها للانتحار.

وبسنت شلبي من سكان قرية كفر يعقوب التابعة لمركز كفر الزيات بمحافظة الغربية، شمالي مصر.

وكانت الفتاة الأزهرية ذات الـ17عاما راحت ضحية الابتزاز الإلكتروني من شابين من قريتها بكفر يعقوب، ودفعت حياتها ثمنا لذلك.

العالم الرقمي والتحريض على الانتحار والضحية الأطفال

وبحسب التحريات، تبين أن أحد المتهمين طالب في الصف الثاني الثانوي الأزهري وزميلها، والثاني طالب جامعي في جامعة الأزهر، كما كشف مصدر مقرب من أسرة الطالبة المنتحرة، أن المتهميْن من أبناء القرية التي تعيش بها، وأن أحدهما يقيم مع والدته بعد انفصالها عن والده منذ 10 سنوات.

وشهدت قرية كفر يعقوب، اختفاء المتهمين وأسرهما، من القرية بعد وفاة الفتاة.

أخبار ذات صلة

"انتحار بسنت".. النيابة المصرية تحقق مع المتهمين بـ"الفبركة"
"انتحار بسنت".. الأزهر يعلق على الواقعة التي هزت مصر

ودخلت بسنت في حالة من الاكتئاب الشديد وفشلت في إقناع ذويها بأنها بريئة، وتركت لوالدتها رسالة تداولتها مواقع التواصل الاجتماعي، كان نصها: "ماما يا ريت تفهميني أنا مش (لست) البنت دي، وإن دي صور متركبة والله العظيم وقسمًا بالله دي ما أنا (ليست أنا)".

وتعليقا على قضية الفتاة المنتحرة، تقول استشاري الصحة النفسية والإرشاد الأسري هبة علي، لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن الفتاة دخلت أزمة نفسية كبيرة وتعرضت لخذلان وإحباط بشكل كبير، فدخلت مرحلة الاكتئاب، وفي الوقت نفسه خشيت مواجهة الناس والمجتمع بعد انتشار الصور.

وأضافت أن رسالة الفتاة الموجهة لوالدتها، تؤكد أنها لم تجد أحدا يقف جنبها أو يساندها في شدتها، فتلك المرحلة العمرية تعد مرحلة مراهقة، فالفتاة كان لديها كثير من التقلبات المزاجية مع الخوف الشديد والتعرض للإساءة، فوقعت في كنف المرض النفسي، ومع شدتها وإحباطها، ثم بعد ذلك الانتحار.

مادة سامة

في السياق ذاته، يقول استشاري الصحة النفسية وليد هندي لموقع "سكاي نيوز عربية"، عن اختيار الفتاة المنتحرة للسم كأداة للتخلص من حياتها: "الانتحار يختلف من بيئة لبيئة، فمعظم البيئات الريفية الانتحار فييها يكون سهلًا بواسطة حبة الغلة".

ويؤكد محمد اليماني صاحب مبادرة قاوم لمناهضة الابتزاز الجنسي عبر الإنترنت في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية"، حول تفسيره لتكرار تعرض النساء في الآونة الأخيرة لمثل هذه الجرائم، أنها حالة مكررة للأسف نتيجة انبطاح المجتمع لجرائم الشرف ولوم الضحية حتى لو كانت الصور مفبركة".

وتابع: "لدينا أزمة مجتمعية كبيرة ولا بد من دراسة سلوك المجتمع بشكل أعمق بعد دخول السوشيال ميديا في كل المنازل".

رسائل ونصائح

وتابع محمد اليماني: "رسالتي لأولياء الأمور، لا بد أن يتفاهم الأب والأم مع الأبناء، ويكونوا لهم المرشد في الحياة، ونتخلى عن دور الأب الجامد والأم المعنفة، وننزع الخوف من داخل البيوت، وخاصة لدى البنات".

وتابع: "لدينا عدد كبير من الرسائل بشكل يومي بمعدل من 300- 700 رسالة يوميا. مشاكل خاصة بالابتزاز والتهديد وجرائم الإنترنت المتنوعة".

وفي سياق متصل، أكد أستاذ الاجتماع الأسري بقسم الاجتماع جامعة الإسكندرية محمد محروس في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن دور البحث الجنائي في وقائع الابتزاز الإلكتروني من الصعب تحديدها، خاصة في حال مسح الرسائل وحذفها.

وأضاف: "أحيانا نعاني من خرس أسري فلا يوجد في بيوتنا العربية التفاعل والمصارحة، حتى لو وقع الأبناء في أخطاء، كما حذر من خطورة استخدام الإنترنت والسوشيال ميديا".

وأكد أن "الاستخدام الخاطئ قد يؤدي لكوارث، منوها بضرورة الاهتمام بقيم وأخلاق الأسرة العربية؛ كاحترام الجار وعدم المساس بالشرف، والخوض في أعراض الناس دون دليل".