لم تكن إصابة "منار سعيد" بمرض نادر بعد قرابة عام ونصف من ولادتها والتي أدت لتعرضها لــ"الشيخوخة المبكرة"، سوى دافع لها لتأليف كتاب ضد التنمر، وإطلاق مبادرة لدعم ذوي الهمم حظيت بإقبال من هذه الفئة، وزادت من الوعي بمشاكلها.
تخرجت منار "25 عاما" من كلية أصول الدين قسم عقيدة وفلسفة جامعة الأزهر، وتقوم حاليا بتحضير الدراسات العليا في كلية العلوم والبحوث البيئية بجامعة عين شمس، لكنها واجهت التنمر طوال فترات حياتها بسبب إصابتها بــ"أورباخ فيته" lipoid protinosise وهو مرض جيني يؤثر على الشكل، وعلى الأجهزة الحيوية في الجسم، ويجعل المصاب به يظهر كأنه أكبر من سنه، كما يؤثر على الجهاز العصبي والجهاز التنفسي وعلى القلب والصوت كذلك.
تقول منار لسكاي نيوز عربية إنها واجهت عدم تقبل من المجتمع أو من المدرسة حيث كان الناس يخافون منها ويبتعدون عنها، و لم يكن هناك تقبل من المجتمع.
لحظة فارقة
وأضافت منار: "خلال دراستي في الجامعة كنت في طريقي للمنزل ووجدت امرأة تقوم بإبعاد أولادها عني وتحذرهم من إصابتهم بالعدوى مني، ورغم سوء الموقف إلا أنني شعرت أني إنسانة طبيعية ومن حقي العيش وتكوين صداقات والتحرك بشكل طبيعي، فقررت تغيير نفسي وتقبلها، وقمت بتحويل هذه المشكلة لشيء إيجابي، وبدأت أحاول توجيه رسالة للمجتمع أن المشكلة فيمن لا يتقبلوني وليست عندي، واختلفت حياتي منذ ذلك الوقت حيث تعاملت بشكل إيجابي مع الناس وحرصت على تكوين صداقات".
وأوضحت: "أطلقت في 2019 مبادرة "مجرد حدوتة" تقوم على الحديث عن قصص ذوي الهمم بشكل إيجابي لتغيير فكر المجتمع عنهم، وفي نفس الوقت نقوم بإيصال رسائل إيجابية لذوي الهمم بهدف دعمهم، حيث أحاول من خلال قصة كل شخص الحديث عن النقاط الإيجابية وكيفية تغلبهم على الصعاب".
وتابعت: "بدأت المبادرة بكتابة قصص ومنذ بداية عام 2021 تحولت إلى فيديوهات مصورة بهدف إيصال المشاعر والأحاسيس للمشاهد بشكل أفضل، حيث نتحدث عن الشخص، والأبطال وراء قصص نجاح ذوي الهمم مثل الأهل والأصدقاء، ونقوم بالتصوير معهم بشكل مباشر ونقل الأسئلة لهم واستخدام كل وسائل التفاعل لإيصال الرسالة إلى المجتمع".
تأليف كتاب ضد التنمر
وألفت منار كتابا عن التنمر بعنوان "القاتل الخفي"، عرضت فيه نماذج إيجابيةـ وعرضت في المقابل نماذج لأشخاص أنهوا حياتهم بسبب التنمر.
كما تناول الكتاب إحصاءات للأشخاص الذين يواجهون التنمر في المدارس أو بشكل إلكتروني، وتحدث عن ماهية التنمر وكيفية التعامل معه.
وتقول منار:" أجبت على الأسئلة التي تخطر ببال الأشخاص بخصوص التنمر وكيفية التعامل مع مواقف التنمر المختلفة".
وأكدت منار: " اعتمدت على جهودي الذاتية وشعرت أن مبادرتي وتحركي نجح بنسبة تقترب من 50 في المئة، وأنا راضية عن هذه النسبة، لأني وجدت ذوي الهمم يتواصلون معي لنشر قصصهم وإيصالها للناس وتأثروا بقصصي، وبعضهم أراد أن يكون نموذجا ناجحا مثل القصص التي نشرتها، كما وصلت نسبة المشاهدة لبعض الفيديوهات التي نشرتها إلى مليون مشاهد".
تصنيفها ضمن الأكثر تأثيرا عربيا
وجرى تصنيف منار سعيد في عام 2020 ضمن 40 شخصية مؤثرة في الوطن العربي، من جانب مؤسسة Women of Egypt "نساء مصر".
وأطلقت الشابة مبادرة "حاسب لا تكسر"، وتهدف للتفكير في تاثير الكلمة قبل النطق بها لأنها قد تدمر نفسية أشخاص.
واختتمت حديثها بالقول: "أنا لا أستطيع أن أغير العالم، أو أجبر الناس على تقبل الاختلاف، لكننا نحتاج لرحلة طويلة وصبر لتغيير فكر المجتمع بشكل كامل، وأنا أسعى بكل الطرق الممكنة لشرح المشاكل التي نعاني منها، كما آمل أن تكون هناك مؤسسة للسعادة في مصر، وأتمنى إنشاء مؤسسة خاصة بذوي الهمم لتوفير احتياجاتهم بشكل سريع وواضح".