تسعى الدولة المصرية خلال السنوات الأخيرة، للقضاء نهائيا على تعاطي المخدرات، عن طريق عدد من البرامج العلاجية المجانية، والحملات الإعلانية الضخمة التي تهدف تغيير نظرة المجتمع نحو هذا "السم القاتل".
مؤخرا، أقام صندوق مكافحة الإدمان والتعاطي في مصر، بطولة دوري رياضي تم تخصيصه للشباب المتعافين من تعاطي المخدرات، للرفع من روحهم المعنوية وتكريم الفريق الفائز والنماذج المثالية.
بطولة "أنت أقوى من المخدرات" التي يتم تنفيذها هذا العام تحت شعار "التعافي بطولة"، تقول عنها وزيرة التضامن المصرية نيفين القباج: "البطولة الأساسية هي تعافي المدمن ورحلته العلاجية التي تُوجت بعودته مرة أخرى للمجتمع. ممارسة الرياضة هي أحد الأدوات الأساسية التي تساعد على الشعور بذاتك، ولها دور حيوي في عملية التأهيل".
25 عاما من العذاب
ويقول نصر محمد، صاحب الـ44 عاما: "تعاطيت المخدرات على مدار 25 عاما، أعتبرهم أعوام العذاب، ولكن برحمة من الله وبفضل الفريق العلاجي الخاص بمستشفى العباسية الذي يتابع حالتي على مدار عام تقريبا، تمكنت من التعافي".
وتابع أحد المشاركين في البطولة في حديثه مع موقع "سكاي نيوز عربية": "الآن وصلنا أن يتم تكريمنا، نتعامل مع أناس يحبوننا وبطولة نعتبرها الشيء الأهم الذي رفع من روحنا المعنوية، إذ جعلت الجميع يشعر بأن الدولة تهتم بهم وتحبهم، فحقيقة أن الدولة تعتني بنا تجعلنا نشعر بأن لنا قيمة ووجود".
تكريم بطل الجمهورية
وخلال الحفل الختامي للبطولة، تم تكريم أحد المتعافين من الإدمان، الذي حصل مؤخرا على المركز الأول لبطولة الجمهورية في لعبة "الكيك بوكس"، بعد أن قضى على الإدمان الذي ظل يلازمه طيلة 20 عاما، قبل أن يقتلعه من جذوره.
وبنبرات الحزن والألم على ما مضى أكمل محمد: "المخدرات كانت كل حياتي، ليس لدي أطفال لأنها كانت أهلي وأولادي حتى وصلت لهذا العمر دون أي شيء. أتمنى من الله في حياتي الجديدة أن أستطيع بناء أسرة وأعمل باجتهاد وأن أكون مؤثرا في المجتمع".
وتابع: "دخلت المستشفى وأنا تقريبا لا أتنفس وأعيش على الأكسجين، الآن أستطيع الركض واللعب وإحراز الأهداف. ففي حياتي السابقة كنت لا أستطيع التنفس، ولا أبدأ يومي إلا بعد الحصول على جرعة المخدر، أما الآن فصحتي جيدة وأستطيع اللعب والعمل".
ووجّه المتعافي حديثا من المخدرات رسالة لكل الشباب: "لا تقربوا المخدرات. قمت بتجربة كل الأنواع تقريبا ولم أكن أعرف نفسي، وكنت منبوذا من الجميع، وأرهقت أهلي معي كثيرا".
رسالة أمل
شارك في البطولة التي أقيمت ابتداءً من الاثنين الماضي، 160 متعافيا من الإدمان من 13 محافظة مختلفة، وعلى أرضية المركز الأولمبي بالمعادي أقيمت المباراة النهائية مساء الأربعاء، بحضور عدد كبير من القيادات البارزة في مصر، والممثل الإقليمي لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، وبعض الفنانين.
وأكدت وزيرة التضامن الاجتماعي خلال المؤتمر الصحفي الذي أقيم على هامش فعاليات ختام "دوري المتعافين من الإدمان"، أن الخط الساخن الخاص لعلاج الإدمان 16023 يعمل على مدار 24 ساعة طوال أيام الأسبوع، وأن الخدمات العلاجية المقدمة لمرضى الإدمان تتم مجانا وفي سرية تامة ووفقا للمعايير الدولية.
ووجّهت القباج رسالة إلى مرضى الإدمان الذين لم يتقدموا للعلاج حتى الآن، قائلة: "نحن اليوم وسط 160 متعافيا يمثلون نموذجا حيا للتعافي والأمل في العلاج، ويفندون الثقافة السوداء للمخدرات بأن لا أمل في العلاج أو التعافي".
واستطردت: "أقول لهم (لا) الأمل موجود ولكن يرتبط فقط بقرارك ورغبتك في العلاج، معنا اليوم 160 متعافيا عادوا للحياة بشغف، ولدينا ما يقرب من 140 ألف مريض إدمان سنويا يستفيدون من خدمات علاج الإدمان".
"شهادة الميلاد الحقيقية"
من بين المشاركين في البطولة والمتعافين من إدمان 25 عاما، الرجل الأربعيني خالد علي، الذي يصف تلك الفترة في حديثه مع موقع "سكاي نيوز عربية"، بالقول: "أصعب فترات حياتي، فترة قاسية ومؤلمة قضيتها منبوذا من المجتمع وتائها دون مرسى".
وأكد علي: "اليوم جميل للغاية، فهو يوم التكريم والاحتفال الذي انتظرناه طوال الفترة الماضية، فصندوق مكافحة الإدمان والتعاطي يقف بجوارنا طوال الوقت ويعطينا الأمل في الاستمرار وأن نقوم بتغيير حياتنا للأفضل".
وأوضح المشارك في دوري "أنت أقوى من المخدرات" أن حياته تحولت من "إنسان يعيش في السجون، وأهله والمجتمع غير راضين عنه، إلى إنسان حقيقي يستطيع عمل الكثير وأن يبني حياة مختلفة"، خاتما حديثه بالقول: "اليوم هو شهادة ميلاد حقيقية لي".