شهد المجتمع السوداني خلال الفترة الأخيرة، ظاهرة اقتحام المرأة لعدد من المهن الشاقة، والتي كانت حتى قبل سنوات قليلة حكرا على الرجال فقط.
تحت لهيب الشمس الحارقة، تعمل كوثر وعشرات النسوة بهمة ونشاط في أحد معامل صناعة الطوب البدائية على ضفاف النيل الأبيض في جنوب الخرطوم.
وتعددت الأسباب التي قادت النساء لمزاحمة الرجال في المهن - المحرمة عليهن تقليديا- بين ندرة فرص العمل وارتفاع تكاليف المعيشة، حيث تخطت معدلات التضخم 400 في المئة، كما أسهمت الحروب التي اشتعلت في أطراف السودان في نزوح آلاف النسوة لأطراف المدن.
وعلى الجانب الآخر، خاضت بعض النساء التجربة لإثبات جدارتهن وقدرتهن على تحمل الصعاب.
وفي ظل التنافس العالي على الوظائف، لجات آلاف النسوة للبحث عن بدائل لمواجهة تقلبات الحياة، فلم يجدن مهنا أخرى سوى مشاركة الرجال في أعمالهم الشاقة، كالعمل سائقات لسيارات النقل العام، وفي ورش إصلاح السيارات وصالونات الحلاقة والعمل في مصانع الطوب ومواد البناء وغيرها من المهن التي تتطلب قوة بدنية.
ولا يخلو عمل النساء في المهن الشاقة من المخاطر والصعوبات أبرزها تعرضهن للسخرية، ونظرة المجتمع السلبية، وفي بعض الأحيان تعرضهن للتحرش والمعاكسات.
اقتحام المجالات الصعبة
عندما بدأت عزيزة دراسة هندسة الميكانيكا في إحدى الجامعات السودانية كانت الفتاة الوحيدة بين 13 شابا، وواجهت صعوبات ومطالب بتغيير تخصصها، بحكم أنه لا يتناسب مع وضعها كامرأة.
وبعد دخول الحياة العملية تعرضت عزيزة للتنمر والسخرية من قِبل البعض على اعتبار أن ما تقوم به من عمل ليس خاصا بالنساء، لكنها تلقت دعما كبيرا من أسرتها خاصة والدتها.
وأوضحت عزيزة لموقع "سكاي نيوز عربية": "كانوا يسخرون من عملي ويستنكرون كيف لامرأة ترتدي ملابس ملطخة بالزيوت والشحوم وترقد في الأرض لإصلاح السيارات".
وفي ذات السياق، تؤكد فاطمة موسى وهي سائقة سيارة نقل عام تعمل في جنوب الخرطوم، أن قيادة سيارات النقل العام مهنة شاقة تتطلب قوة بدنية وتحمل القيادة لساعات قد تصل لأكثر من 12 ساعة في اليوم، لكنها تؤكد أن الذي دفعها للعمل في هذه المهنة هو وفاة زوجها الذي ترك لها مسؤولية تربية أبنائها الأربعة.
دوافع عديدة
وتعزو الأخصائية الاجتماعية تقوى الفاضل خروج النساء للعمل في المهن التي كانت حكرا للرجال لعدة أسباب من بينها الظروف الاقتصادية الصعبة وغلاء المعيشة وفقدان الزوج خاصة في مناطق الحروب.
وأضافت الفاضل في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية" سببا آخرا يتمثل في غياب برنامج الدعم الاجتماعي والمشروعات الإنتاجية.