بعد فقدانه إثر خروجه من المنزل قبل نحو 3 أعوام ونصف، ظن ذوو رجل من ريف حماة وسط سوريا أنه توفي وأقاموا له العزاء، لكن بعد هذه المدة الطويلة تواصل معهم مستشفى في حلب لإبلاغهم أنه حي يرزق، وأنه كان يتلقى علاجا نفسيا طيلة هذه السنوات.
وقال مدير عام مستشفى ابن خلدون للأمراض العقلية والنفسية في حلب بسام حايك، إن "الرجل الأربعيني كان في حالة نفسية غير مستقرة وأدخل إلى المستشفى".
وتابع في مقابلة مع موقع "سكاي نيوز عربية": "لم يكن يحمل أي أوراق ثبوتية تدل على هويته. سلمته الجهات الأمنية المختصة لنا كي يتلقى العلاج والرعاية، ومنذ مطلع عام 2018 ونحن نوفر العلاج الدوائي والرعاية النفسية والمعالجة السلوكية".
ويضيف حايك: "مع تحسن وضع المريض النفسي، مد الفريق المعالج له بمعلومات عن محل سكنه وذويه، وعليه تواصلنا مع البعض من أهالي منطقته من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، ونجحنا في معرفة عنوان أهله، الذين حضروا للمستشفى لاستلامه بعد تماثله للشفاء".
ويتابع مدير مستشفى ابن خلدون في حلب: "المريض النفسي حساس للغاية، والمرض النفسي يؤثر بطبيعة الحال على مختلف قدرات الإنسان العقلية والحركية والجسدية. المرضى النفسيون يفقدون بسهولة التركيز والسيطرة والإحساس بالواقع، فيتعرضون للضياع والصعوبات خاصة في ظل الأوضاع الصعبة التي تمر بها البلاد".
وأوضح حايك أن مستشفى ابن خلدون تتلقى المرضى من 7 محافظات سورية، وتستقبل بشكل شهري تقريبا حالات مماثلة، حتى من محافظات بعيدة نسبيا مثل درعا والسويداء، و"نحرص على الحفاظ على خصوصية المرضى فلا ننشر صورهم أو أسماءهم، وننتظر تواصل ذويهم أو نبادر نحن بالبحث عنهم".
ويضيف: "في ظل ظروف الحرب وتداعياتها فإن المرضى النفسيين أكثر المتعرضين للإساءة والظلم حيث لا أحد يدافع عنهم. نتمنى احترام هؤلاء المرضى وعدم معاقبتهم ومحاسبتهم على تصرفاتهم".
ويردف الطبيب النفسي: "في ظروف الحرب تزداد مثل هذه الحالات، وهي بشكل عام موجودة في كل دول العالم".
وحسب حايك، يوجد في سوريا مستشفيان للأمراض النفسية، أحدهما مستشفى ابن سينا في ريف دمشق، والآخر مستشفى ابن خلدون في حلب، و"نتيجة الحرب والنزوح حدثت تغيرات وتبدلات في أماكن إقامة الناس مما يؤثر على عملنا بشكل سلبي، فالمريض قد يكون قد قطع خطوط التماس أو حقول ألغام أو مناطق عسكرية، مما يجعله عرضة للخطر الداهم، ونحن عادة ما نستعين هنا بالجهات الأمنية والحكومية للعثور على ذوي المرضى التائهين".
ويضيف: "عملنا على نشر تفاصيل هذه الحالة بشكل خاص كي نسلط الضوء على هذه الظاهرة لمرضى نفسيين مفقودين موجودين لدينا. بشكل مستمر نتلقى حالات مشابهة. نحث أهلهم وذويهم على السؤال والبحث عنهم، خاصة لدينا كمستشفى مختص بمعالجة مثل هذه الحالات لمرضى هائمين على وجوههم".
ويختم حايك: "مع تحسن حالة المريض الذي أصبح مستبصرا يعرف اسمه واسم عائلته وكأنه ولد من جديد، تتملكنا الغبطة العارمة كوننا أسهمنا في إنقاذ إنسان من المرض والضياع، وقد نجحنا في معالجة العديد من مثل هذه الحالات لمرضى عادوا إلى حياتهم الطبيعية واندمجوا في المجتمع".