كانت الشهامة عنوان حياته، كما مماته. إنه الشاب المصري أحمد عوف الذي قضى في انهيار عقار سكني، أثناء محاولته إنقاذ القاطنين فيه.
وبسبب تفانيه الكبير في خدمة الآخرين حتى الرمق الأخير من حياته أطلق عليه سكان حي غرب شبرا الخيمة بمحافظة القليوبية شمالي القاهرة لقب "شهيد الشهامة".
ولقي عوف حتفه مع 3 آخرين إثر انهيار مبنى في الحي، قبل يومين.
وقصة أحمد بحسب شهود العيان، تستحق أن يعرفها الناس نظرا لأنه لم يكن من سكان هذا العقار، ولكنه هرع إلى هناك لمساعدة الناجين تحت الأنقاض، وبالفعل ساعد الكثيرين في الخروج سالمين ولكنه أصبح رقم 4 بين ضحايا العقار.
وشيع أهالي شبرا الخيمة جثمان أحمد في جنازة مهيبة تقديرا لشهامته، التي لم تكن في حادث انهيار العقار فقط بل هناك نهجا عاما في حياة الشاب الراحل، كما يقول الأهالي.
محمد الشربيني، خال الشاب الراحل روى لموقع "سكاي نيوز عربية" قصته مع الشهامة، قائلا: "اسمه أحمد جمال إبراهيم عوف وشهرته أحمد عوف، مواليد 1995، حاصل على بكالوريوس نظم ومعلومات، وبعدما أدى الخدمة العسكرية، لم يركن للوظيفة رغم علاقات عمه التي كانت كفيلة بتوفير أكثر من وظيفة بمرتب كبير فى القطاع الخاص، ولكنه اختار أن يكون هو مدير نفسه وأقام مشروعا خاصا به للتجارة عبر الإنترنت".
كاد يقتل بسبب المساعدة
وأضاف: "اشتهر أحمد بين أهل المنطقة بمساعدة الناس، رغم أنه كاد يتعرض للقتل في إحدى المرات بسبب شهامته، وذلك عندما أنقذ شابا من يد مجموعة بلطجية كانوا يعتدون عليه، وعاد الشاب لأهله في حالة إعياء كاملة ولم يستطع أن ينطق سوى اسم أحمد عوف وذهب في غيبوبة، فظن أهل الشاب أن أحمد هو من ضربه.. فاختطفوا أحمد وكادوا أن يقتلوه لولا أن كبيرهم قرر أن يحبسوه لديهم لحين أن يفيق ابنهم ويقتلوه إن مات".
وتابع الشربيني: "شاء الله أن يفيق الشاب من غيبوبته بعد أيام ويخبر أهله أن أحمد عوف هو من أنقذه من يد البلطجية ودفع له أجرة السيارة التي أعادته لمنزله.. ورغم ذلك لم تمنع تلك الحادثة أحمد عوف عن مساعدة الآخرين".
وقال الشربيني: "إنه في يوم حادث انهيار عقار شبرا.. انتشر خبر تصدع العمارة، ورغم أنه ليس من سكانها، إلا أن أحمد عوف أسرع إلى هناك وقام مع مجموعة من الشباب وأهالى المنطقة بإخراج الكثير من السكان خاصة كبار السن".
"لن أقف متكوف الأيدي"
وأضاف: "لكن تبقى 3 محامين فى الدور الخامس بمكتب المستشار علاء دبش البالغ من العمر 63 سنة، وزادت مؤشرات قرب انهيار المنزل، فتراجع الجميع وحاولوا إثناء أحمد عن الدخول، ولكن آخر جملة قالها وهو يصر على الدخول للعقار.. مش حسيب راجل عنده 63 سنة وأقف اتفرج.. وبمجرد دخوله انهار البيت تماما".
واستطرد: "وقت الانهيار كان أحمد لا يزال في الطابق الأول حتى أنه آخر من أخرجوه من تحت الأنقاض.. وأحدث الانهيار موجة غبار ضخمة فرقت كل المتجمعين حول العقار.. وعندما انقشع الغبار وجدوا العقار كومة من الركام لا يبدو أن حيا يمكن أن يخرج منه.. وبالفعل لقي أحمد حتفه مع 3 محامين آخرين بينهم سيدة".
واختتم الشربيني حديثه قائلا:" أحمد ذهب شهيدا للشهامة وهو في ريعان شبابه ليضرب مثلا في مساعدة الناس حتى لو بالتضحية بالنفس، ذهب لخالقه رغم أنه بعد أن حقق نجاحا في مشروعه، تحدث منذ أيام فقط مع والدته التي هي شقيقتي عن رغبته في الزواج ليحقق استقراره الاجتماعي بعد أن شعر باستقرار مشروعه الاقتصادي".