تحولت صورة التقطها راكب إحدى السيارات العابرة في العراق، إلى حدث بارز يشغل المنصات الاجتماعية، بعدما أظهرت فتاة تحمل كتابها الدراسي على متن عربة أبيها الصغيرة والمتهالكة.
وأظهرت العربة، الطالبة سارة حسين التي باتت تعرف بفتاة الستوتة، حيث تظهر راكبة خلف عربة متواضعة أشبه بعربات "التوك توك" وهي تحمل كتابها الدراسي في طريقها للامتحان في الثانوية العامة، بينما والدها يقود العربة.
وتفاعل المعلقون والرواد على نطاق واسع مع الصورة، وما تحمله من معان نبيلة لأنها تكشف إصرار هذه الفتاة العراقية على مراجعة كتبها الدراسية، حتى وهي على الطريق وتحت أشعة الشمس الحارقة، في دلالة على أن ارادة التفوق والنجاح واثبات الذات، لا تعيقها ظروف الحياة السيئة، كما قالت التعليقات على الصورة المعبرة.
ومع انتشار صورة الفتاة كالنار في الهشيم، ترددت أنباء عن مبادرة من لاعبي المنتخب الوطني العراقي لكرة القدم، للتوقيع الجماعي على قميص المنتخب، واهدائه لهذه الطالبة التي لم تمنعها الظروف القاسية، من المثابرة والإصرار على النجاح والسعي للالتحاق بالجامعة .
وللوقوف على تفاصيل القصة، تواصل موقع "سكاي نيوز عربية" مع بطلة القصة الطالبة سارة حسين، وهي من أهالي مدينة الكوت مركز محافظة واسط، الواقعة في وسط العراق .
تؤكد سارة أنها تسعى بكل جهد للنجاح، ودخول إحدى فروع كليات الطب أو التمريض، كي تتخرج وتتمكن من مساعدة عائلتها، وتحسين ظروفهم الصعبة.
وتضيف في لقاء مع موقع "سكاي نيوز عربية"،"ما حدث كان بمحض الصدفة، حيث لا نعرف من التقط الصورة لي ولوالدي، عندما كنت ذاهبة لتقديم الامتحان، كون العربة مكشوفة تماما لكافة السيارات المارة من حولنا، وفجأة انتشرت صورتي في كامل العراق".
وتردف سارة "هناك طلاب زملائي أوضاعهم المادية أصعب من وضعي بكثير، فنحن حالتنا المادية والحمد لله ليست سيئة للغاية، وهم أجدر مني بتسليط الضوء على معاناتهم ومساعدتهم، وأتمنى أن يتم الالتفاف لأوضاعهم من خلال قصتي التي تجسد قصص معاناة ملايين العراقيين، وخاصة الطلاب والطالبات".
ظروف صعبة
وتقول سارة "أتحدث لأول مرة من خلال موقعكم، عن حقيقة انقطاعي عن الدراسة لمدة 5 سنوات بفعل سوء أحوالنا المادية، لكن الآن مع تحسنها قليلا قررت العودة لدراستي وإتمامها، وأنا مصرة على تحقيق النجاح رغم صعوبة الظروف، ورغم انقطاعي الطويل عن الجو الدراسي وعدم قدرتي على أخذ دروس خصوصية، والاشتراك في دورات تقوية دراسية إضافية".
ولدى الطالبة سارة حسين البالغة 22 عاما، والتي تشغل على مدى أيام منصات التواصل الاجتماعي في البلاد، شقيقتان و3 أشقاء أكبرهم مريض، وبحاجة لعلاج مكلف، لكن ضيق ذات يد أسرته يحول دون معالجته .
وتطالب سارة عبر موقع "سكاي نيوز عربية" الحكومة والجهات المسؤولة، بمساعدتهم في التكفل بمعالجة شقيقها المريض، البالغ 18 عاما والذي يعاني من تشوهات في القدمين والفك والصدر، وهو بحاجة للمعالجة خارج العراق حيث تبلغ تكلفة العلاج نحو 8 آلاف دولار، والذي اضطر لترك دراسته وهو في الصف الخامس الابتدائي، بسبب تنمر الطلاب عليه.
وحول ما راج عن تقديم لاعبي الفريق الوطني العراقي لكرة القدم، قميص المنتخب الموقع منهم لها، تقول "سمعت عن نية لاعبي المنتخب العراقي تكريم سارة وإهداءها قميص المنتخب، لكن لم يتواصل معي أحد بخصوص ذلك لحد الآن، ومع ذلك أشكر اللاعبين على مبادرتهم الطيبة ولفتتهم الكريمة".
وتكشف سارة أنها تلقت اتصالا من إحدى شركات الاتصالات العراقية، وعدتها خلاله بإهدائها رقما هاتفيا مميزا، وهاتف آيفون.
من جهته يقول حسين علي؛ والد سارة، في حديث مع موقع "سكاي نيوز عربية"، "خرجنا على الساعة 6 صباحا، أنا وابنتي الكبرى سارة كي تجري امتحانات الثانوية العامة بالقسم العلمي، وبينما نحن على الطريق يبدو أن أحدهم ربما إعلامي أو مواطن ما، كان يسير خلفنا بسيارته قد التقط صورة لسارة وهي منهمكة في مراجعة كتاب المادة التي ستخوض امتحانها في ذلك اليوم".
ويضيف الأب"مع عودتنا للبيت بعد الظهر، فوجئنا بصورنا تملأ صفحات التواصل الاجتماعي، محدثة ضجة واسعة الأمر الذي كان محط ترحيبنا وفرحتنا، كونه سلط الضوء على معاناتنا حالنا حال ملايين العائلات العراقية، جراء ضيق الحال وسوء الأوضاع المعيشية والاقتصادية".
ويضيف علي"أنا عامل في مديرية مجاري واسط، وراتبي يبلغ 500 ألف دينار عراقي ( ما يعادل 335 دولار أميركي ) يقتطع منه شهريا مبلغ 150 ألف، نظير أقساط البيت الذي نسكن فيه، ولا أملك سوى هذه العربة المتواضعة، التي أنقل عبرها أحيانا بعض الأغراض والأدوات المنزلية كثلاجات أو مكيفات، لقاء مبالغ بسيطة، فنحن بحاجة لدعم من الحكومة والجهات المسؤولة".