رغم مرور عامان على الإطاحة بعمر البشير المدعوم من تنظيم الإخوان؛ إلا ان خشبات المسارح في العاصمة السودانية الخرطوم لا تزال تبدو وكأنها معزولة التغيير.
وفي الجانب الآخر؛ يجد الفنانون السودانيون صعوبة كبيرة في الحصول على التمويل الحكومي أو التجاري اللازم لإنتاج وتقديم العروض المسرحية، ويضطرون في كثير من الأحيان لتوفير التمويل على النفقة الخاصة بسبب نقص الميزانيات الحكومية، أو إحجام الشركات عن الرعايات..
نقص التمويل
يعد تمويل العمل الفني من أبرز المشاكل التي تعطل الأنشطة المسرحية في الوقت الراهن في ظل أزمة اقتصادية يعاني منها هذا البلد، إذ يفضل الرعاة المعروفين في هذا القطاع عدم طرق أبواب المسارح.
وفي ذات الوقت تشكو وزارة الثقافة والإعلام من بقاء عناصر الإخوان في إدارات الوزارة والهيئات الحكومية وعرقلة الإصلاحات التي تعتزم تنفيذها عقب الإطاحة بنظام البشير المدعوم من الجماعات الإسلامية.
ويعترف المدير العام لوزارة الثقافة والإعلام محمد سوركتي بحاجة وزارة الثقافة والإعلام الى "إزالة تمكين الإسلاميين" من إداراتها وهيئاتها. ويوضح سوركتي لموقع سكاي نيوز عربية إن النظام البائد مكن بشكل كبير لعناصره بوزارة الثقافة والإعلام، لأنه تنظيم يقوم على محاربة الإبداع ويميل الى التشدد.
ويظل المسرح القومي الذي يقع بمدينة أم درمان غربي العاصمة السودانية مظلمًا لفترات طويلة قبل أن تبدأ بعض العروض المسرحية الشحيحة في تسليط الضوء على فناء بلا سقف وتكاد المياه الجوفية تغمر الأرضية لأنه يقع على مقربة من النيل.
إجراءات معقدة
حتى تتمكن إدارة المسرح القومي من إنتاج أعمال جديدة أو استضافة عروض مسرحية لا تزال القوانين التي تركها النظام البائد سارية أبرزها إخطار الأجهزة الأمنية بالعروض المسرحية قبل وقت كاف من انطلاقها.
ويوضح مدير عام المسرح القومي عبد الله حسب الرسول لـ"سكاي نيوز عربية “أن المسارح بعد عامين من الإطاحة بنظام الإنقاذ الذي حكم ثلاثون عاما بالقوانين المكبلة لأنها لاتزال سارية.
ويضيف حسب الرسول : "لا يمكن تقديم عروض مسرحية قبل إخطار الأجهزة الأمنية وهذه إجراءات تتنافى مع الإبداع الذي يحتاج الى الحريات ورغم كفالة الثورة الشعبية للحريات لكن لاتزال القوانين وبقاء المؤسسات الحكومية كما هي تعطل انتعاش المسرح".
ويعد مكتب وكيل وزارة الثقافة والإعلام هو المسؤول عن المسارح في السودان وتخصيص الميزانيات المالية، لكن إدارات المسارح تعزو قلة الأنشطة إلى قلة التمويل الحكومي ووضعها في إدارة ضعيفة داخل الوزارة الحكومية.
سيطرة الإسلاميين
يؤكد مدير المسرح القومي عبد الله حسب الرسول أن التمويل الحكومي شحيح جدا ولا تتوفر ميزانيات لإنتاج أعمال جديدة تتماشى مع الحراك السلمي والعهد الجديد في "سودان ما بعد الإسلاميين".
كما إن تبعية المسارح لمكتب وكيل وزارة الثقافة والإعلام يبدو أمرا مزعجًا في نظر المسرحيين؛ ويقول حسب الرسول إن المسارح يجب أن تدار بواسطة هيئة مستقلة تحصل على تمويلات من هيئات عربية ودولية وإقليمية ومحلية.
وأضاف: "إذا أنتجنا عرضا مسرحيا على النفقة الخاصة للفنانين يفضل الرعاة الماليين عدم المجازفة، لأن العائد غير مضمون بسبب الأحوال الاقتصادية وعزوف الناس عن الذهاب إلى المسرح ومبنى المسرح القومي غير مهيأ لتقديم العروض في موسم الأمطار لأنه فناء بلا سقف لا يمكن لجمهور أن يكون جالسا لمشاهدة العرض".
لكن المدير العام لوزارة الثقافة والإعلام السودانية محمد سوركتي يشير إلى أن الوزارة تبذل جهدا كبيرا لإعادة المسرح الى مساره الصحيح، لأن هذا القطاع ظل مختطفًا من التنظيم الإسلامي لتحقيق أجندته.
وأردف: "كنا نأمل من لجنة تفكيك النظام وإزالة التمكين أن تبعد العناصر الموالية في وزارة الثقافة والإعلام والهيئات الحكومية والمجالس لكن أداء اللجنة تباطأت في الشهور الأخيرة".ش