"العيش" هو الاسم الشعبي المتداول لـ "الخبز" في مصر، في دلالة واضحة على ما تمثله هذه السلعة الاستراتيجية من أهمية قصوى للعيش أو الحياة، فهو ضيف دائم على الموائد المصرية مهما تغيّرت المستويات.
ولهذا السبب ظلّ أي تغيّر مرتبط بـ "العيش" أو المواد المكونة له، سواء من حيث السعر أو الوزن والجودة وغير ذلك، يحظى باهتمام واسع من قبل المصريين.
ومع وفرة الخبز في مصر، وتقديمه بأسعار مدعمة لنحو 67 مليون مصري على بطاقات التموين، مقابل خمسة قروش فقط للرغيف الواحد (قبل زيادة مرتقبة للسعر)، عادة ما تكون هناك "بقايا" بكميات متفاوتة منه في كل بيت مصري تقريباً.
وبينما يلقي البعض تلك البقايا التي تعرضت للجفاف أو العفن في بعض الأحيان، في القمامة، تلجأ الكثير من الأسر إلى توظيفها بشكل مختلف؛ من أجل تحقيق الاستفادة القصوى من "العيش القديم".
علف للدواجن
أحد أبرز أوجه استخدامات "بواقي العيش" المنتشرة في مصر بيعها بالكيلوغرام، وفي فترات سابقة بالمحافظات المختلفة، وببعض المناطق الريفية حتى الآن، كان هناك جائلون بعربات يدوية يجوبون الشوارع لشراء "العيش الناشف (الجاف)" كما يُطلق عليه المصريون.
وبالتالي أسر عديدة إلى تخزين "البقايا" في أكياس مخصصة للمطابخ بكميات، من أجل بيعها والاستفادة من ثمنها.
تستخدم البقايا كعلفٍ للحيوانات (المواشي والدواجن)، وذلك بعد تجفيفها. ويصل الكيلوغرام، بحسب تصريحات سابقة لنقيب الفلاحين في مصر حسين عبد الرحمن، إلى ثلاثة جنيهات (الدولار يعادل 15.56 جنيه تقريباً).
ويعني هذا أن مقابل بيع بقايا الخبز المدعم على وجه التحديد يفوق سعر شراء الخبز نفسه؛ ذلك أن وزن الرغيف المدعم يصل إلى 90 غراماً.
وتبعا لذلك، فإن وزن 11 رغيفاً مدعماً (بسعر 55 قرشاً) يصل إلى كيلوغرام واحداً تقريباً، ويتم بيع الكيلو بثلاثة جنيهات بعد تجفيفه لتقديمه كعلف، أي بمكسب نحو جنيهين ونصف نظرياً.
مشروب مضر
من بين الاستخدامات أيضاً لـ "بقايا العيش" في مصر، توظيفه في تصنيع مشروب ذي أضرار مختلفة على الصحة، وهو مشروب "البوظة" الشعبي، والذي يتم تحضيره من خلال الخبز الجاف أو الذي أصابه العفن، من خلال تخميره مع الشعير وتقديمه كمشروب.
وحذر أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، أحمد كريمة، من المشروب، قائلا إنه محرم، في معرض حديثه عن قرار زيادة سعر الخبز المدعم، مشددا على أن جزءًا من ذلك الدعم يقدم للدواجن والحيوانات (من خلال تقديم الخبز كعلف) أو في تصنيع "البوظة".
استخدامات للطهي
كما تلجأ بعض ربّات البيوت إلى توظيف بقايا الخبز الجاف -التي لم تتعرض للعفن- من خلال ابتكار مأكولات مختلفة، من بينها صناعة "ميني بيتزا" بالخبز الجاف، أو خلط الخبز بعد طحنه وإضافته إلى اللحم المفروض لتحضير "الكفتة" حتى تكون أكثر تماسكاً. وحتى استخدام البقايا في صناعة مقرمشات أو حلوى للأطفال بإضافات ووصفات مختلفة.
وبالنسبة لبعض أنواع الخبز الأخرى، في بعض الأحيان يتم توظيف بقايا العيش عبر طحنها واستخدامها كـ "بقمساط" لتحضير الدجاج المقرمش.
نسبة الإهدار
ويمثّل اتجاه الدولة المصرية لزيادة سعر الخبز المدعم، فرصة لكثير من المعنيين والمختصين لتسليط الضوء على فاتورة الإهدار الذي تواجهه منظومة الخبز، لا سيما من حيث تقديم الخبز كعلف للحيوانات، وهو ما استغله المدافعون عن قرار زيادة السعر للإشارة إلى ما ينطوي عليه من مزايا لتقنين استهلاك واستخدام الخبز المدعم في إطاره الأساسي.
ووفق بيان صادر عن الاتحاد العام للغرف التجارية، الخميس، فإن هناك هدراً يومياً في ما يتم إنتاجه بمنظومة الخبز المدعم واستغلاله في غير الغرض من إنتاجه مثل توظيفه كعلف للطيور والمواشي بنسبة تتراوح بين 25 و35 في المئة من إجمالي حجم الإنتاج.
وتقدر شعبة المخابز بغرفة صناعة الحبوب باتحاد الصناعات المصرية، فاتورة الإهدار في منظومة الخبز المدعم بنحو 3 مليارات جنيه، وذلك من خلال استخدامات الخبز المختلفة التي تمثل إهداراً له، مثل تقديمه كعلف، بحسب الإحصائية التقديرية التي كشفها رئيس الشعبة، حسن محمدي، في تصريحات له مؤخراً.