بقوة القانون، أصبح الأطباء في المغرب مطالبين بتحسين خطهم لدى كتابة الوصفات العلاجية للمرضى، حتى تكون قابلة للقراءة من الجميع.
المشرعون المغاربة جعلوا الوصفات "المشفرة" جزءا من الماضي، من خلال مرسوم جديد يتعلق بمدونة أخلاقيات مهنة الطب، تم نشره بالجريدة الرسمية.
وكانت الحكومة المغربية صادقت قبل أسابيع على تعديل مدونة أخلاقيات مهنة الطب، الذي قدمه وزير الصحة.
ويتعلق التعديل المذكور بمدونة أخلاقيات مهنة الطب على إلزام الطبيب بأن يصف العلاج بالقدر الكافي من الوضوح، وأن يحرره بخط مقروء مع الحرص على أن يفهمه المريض ومحيطه، وأن يتحرى تطبيقه بشكل جيد.
وطالما اشتكى مواطنون من كتابة بعض الأطباء غير المفهومة في وصفات الأدوية، إلى درجة أنها أصبحت "طلاسم" يصعب فك رموزها، ولا يفك شفرتها إلا الصيدلي.
تشريع صارم
ووفق بلاغ للحكومة فالتعديل الأخير جاء بالتوافق مع الهيئة الوطنية للطبيبات والأطباء، واتفاقا مع القانون المتصل بالهيئة، الذي ينص على تحديد "الواجبات العامة المفروضة على الطبيبات والأطباء"، و"علاقة الطبيبات والأطباء بالمرضى".
كما يتضمن التعديل القانوني الجديد على منع الطبيب من قبول هدايا عينية أو نقدية، أو أي منفعة أخرى مبالغ فيها من المرضى.
كما لا يجوز للطبيب، وفق التشريع الجديد، استغلال تأثيره للحصول من المريض على تفويض أو عقد بمقابل وفق شروط تفضيلية بشكل غير طبيعي.
ويمنع الطبيب من الاحتيال على المريض مستغلا وضعيته وجهله بالميدان الطبي، كما يمنع على الطبيب "كل تصرف من شأنه تمكين المريض من منفعة مادية غير مبررة أو غير مشروعة".
سبب الخط السيء
ورحب الأستاذ بكلية الطب بجامعة محمد الخامس في الرباط الباحث في القضايا الصحية خالد فتحي، بالمقتضيات الجديدة "التي ستحمي المريض".
وقال في حديث مع موقع "سكاي نيوز عربية": "مطالبة الأطباء بتحسين خطهم ليس ترفا كما يدعي البعض، بل هو مطلب مهم يهدف لضمان مصلحة المريض وتيسير فهمه للوصفة. كما ستُجنب الصيدلي الوقوع في أخطاء بسبب عدم وضوح الكتابة".
وأرجع فتحي الخط السيء لبعض الأطباء لفترة التكوين، فـ"طلبة الطب يكونون مطالبين بكتابة دروس طويلة وبسرعة، وهو ما يجعلهم مع مرور الوقت يختصرون الكلمات ويكتبونها بشكل يفهمونه فيما بينهم".
وأضاف أن "التكنولوجيا أصبحت الآن في المتناول، ويمكن للأطباء اللجوء لاستعمالها في طباعة وصفاتهم، حتى تكون واضحة، وتفاديا لأي لبس".
تعزيز ترسانة القوانين
من جهة أخرى، قالت الباحثة في القانون ياسمينة دبيش إن هذا المرسوم جاء بعد جملة من الانتقادات التي كان يتعرض لها أطباء، خلال تحريرهم للوصفات العلاجية لمرضاهم.
وأضافت لموقع "سكاي نيوز عربية": "في الحقيقة، أقل ما يمكن القول عن وصفات بعض الأطباء أنها غير واضحة ويكتنفها الغموض ولا يمكن فهمها إلا من أصحاب الاختصاص".
وأشارت إلى أن "العديد من الأطباء، لا سيما بالقطاع الخاص، كانوا يلجأون إلى التقنيات والوسائل الإلكترونية الحديثة في تحرير وصفاتهم التي تبين بوضوح نوع الدواء والجرعات الصحيحة التي يجب تناولها، والزمن المناسب لذلك".
وأكدت دبيش أن "هذا المرسوم جاء ليعزز الترسانة القانونية المنظمة لأخلاقيات مهنة الطب من جهة، وحماية لصحة وسلامة المريض من جهة أخرى، على اعتبار أن أي خطأ في وصف الدواء أو تشخيص الحالة المرضية من شأنه أن يتسبب في آثار وخيمة".