من منا لا يتذكر أغنية أم كلثوم "يا ليلة العيد" أو "أهلا بالعيد" لصفاء أبو السعود، والتي ارتبطت بليلة العيد وبهجتها وذكرياتها الجميلة على مرّ السنين.
ورغم نجاح "أغاني العيد" وشعبيتها الجماهيرية، إلا أنها اختفت في السنوات الأخيرة، ولم تعد شركات الإنتاج الفني أو المطربين يقدمونها.
وتعد أغنية "يا ليلة العيد" لكوكب الشرق أم كلثوم إحدى العلامات التي تبعث حالة من البهجة والفرحة داخل القلوب أثناء الاحتفال بالأعياد.
وبدأت قصة هذه الأغنية التي غنتها أم كلثوم لأول مرة في فيلم "دنانير"، من عند بائع متجول سمعته الفنانة وهو يغني لبضاعته قائلا: "يا ليلة العيد انستينا".
وبعد فترة طلبت أم كلثوم من الشاعر أحمد رامي أن يكمل مطلع الأغنية وبالفعل تحقق الأمر وقام الملحن رياض السنباطي بتلحينها وقررت كوكب الشرق أن تقدم الأغنية للملك فاروق في يوم جلوسه على العرش في ليلة عيد الفطر عام 1944 والذي أقيم في ملعب النادي الأهلي.
ولم يحفظ التاريخ أغنية "يا ليلة العيد" فقط ولكن نقل لنا أيضا أغنية الفنانة صفاء أبو السعود، التي تعد واحدة من أشهر الأغاني بمناسبة العيد وهي "أهلا بالعيد"، من كلمات عبدالوهاب محمد، وألحان جمال سلامة.
تغيرات مجتمعية
بحسب الموسيقار حلمي أبو بكر فإن "الظروف تغيرت، حتى الإحساس ببهجة العيد وأيامه لم يظل كما كان قديما، نظرا لمشاغل الحياة والظروف الاقتصادية والمجتمعية والسياسية المحيطة بنا، فأغاني الأعياد ليست هي الشغل الشاغل عند الجمهور الآن، حيث أصبح هناك اهتمام بأنواع معينة من الأغاني والتي تقوم على الجهل والصراخ".
وفيما يخص الربح والخوف من عدم نجاحها، أوضح أبو بكر: "هذا خطأ كبير لأن أغاني الأعياد القديمة حققت نجاحا كبيرا جدا حتى يومنا هذا"، مضيفا: "نحن نمتلك الكثير من الأصوات القيمة التي تستطيع أن تخوض تجربة تقديم أغاني الأعياد، فيجب أن يكون الفنان ذو قيمة لكي يقدم محتوى راق وجيد ويتعلق به الجمهور فهناك الكثير من الأغاني التي تمر مرور الكرام ولا يتذكرها أحد".
أما الناقد الفني محمد شوقي فقد أكد في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية": "هناك العديد من المطربين وحتى على مستوى الطرب القديم، غير قادرين على الاقتراب من محطة أغاني العيد لأنها أغاني مرتبطة بمناسبة ولا تذاع إلا فيها، كما أن عمر أغاني المناسبات قصير".
وتابع شوقي قائلا: "الوحيدة التي يمكن أن نستثنيها من هذه القاعدة هي السيدة أم كلثوم، التي قدمت أغنيتها (يا ليلة العيد) التي ظلت رغم مرور سنوات كثيرة على إصدارها، أيقونة من أيقونات العيد".
واسترسل الناقد الفني قائلا: "يا ليلة العيد تتصدر المشهد يوم وقفة العيد، أما أغنية أهلا بالعيد بتصويرها السينمائي والأطفال وبهجتهم وبهجة العيد فتتصدر مراسم الاحتفال خلال أيام العيد، لأنها تحث على البهجة".
وكشف شوقي عن العديد من المحاولات التي لم يكتب لها البقاء الدائم والتواجد على الساحة الفنية قائلا: "هناك العديد من الأمثلة التي حاولت تقديم أغاني العيد، مثل ما قدمته الفنانة نور الهدى اللبنانية بأغنية "هل هلال العيد على الإسلام سعيد"، والتي قدمتها من خلال أحداث فيلم "عايزة اتجوز"، عام 1952، وهذه الأغنية من ألحان فريد الأطرش يمكن أن نسمعها من آن إلى آخر ولكنها ليست بجودة وقيمة وخلود أغنيات "ياليلة العيد أو أهلا بالعيد".
وبيّن أن "هناك أغنية أخرى أيضا قدمها الموسيقار فريد الأطرش وهي أغنية (هلت ليالي حلوة جميلة) التي تقدم في المناسبات وأحيانا نسمعها من حين لآخر وتذاع في الأعياد وفي رمضان فهي قريبة من أغاني العيد لأن بها بهجة العيد بشكل كبير".
واختتم شوقي بالقول إن هناك الكثير من المطربين الذين يستطيعون تقديم أغاني للأعياد ولكنهم لم يقدموا بذلك وذلك لخوفهم من عدم النجاح، ولعلمهم أنهم لن يضاهوا أم كلثوم أو صفاء أبو السعود، كما أن الجمهور اعتاد على هاتين الأغنيتين، لذلك فالنجاح غير مضمون عند تقديم أغان جديدة".