جان بابتيست كليبر، جنرال عسكري فرنسي من مواليد عام 1753، ذاع صيته في مصر بعدما تولى قيادة الحملة الفرنسية بعد رحيل نابليون بونابرت عن البلاد عائدا إلى فرنسا عام 1799.
وخلال عامين، مارس كليبر كل أنواع القتل والانتهاكات ضد المصريين المقاومين للحملة الفرنسية، حتى أنه نصب مدافعه فوق جبل المقطم وقصف حي بولاق بأكمله وسط القاهرة، إلى أن تمكن الطالب الأزهري السوري سليمان الحلبي من قتله بخنجر في قلبه بحديقة قصره عام 1800، ليعود جثمانه إلى فرنسا بعد جلاء الحملة الفرنسية عن مصر عام 1801 ويدفن في مسقط رأسه بمدينة سترازبورغ، وينصب له تمثال كبير هناك.
ومؤخرا عاد كليبر إلى الأضواء في مصر بعد مرور أكثر من 200 عاما على الحملة الفرنسية، لكن في حملة عبر مواقع التواصل الاجتماعي شنها مغردون غاضبون من الإعلان عن إنشاء مدرسة في الإسكندرية تحمل اسمه، حيث رأوا أن ذلك تخليد لذكرى عسكري دموي، تسبب في مقتل مصريين وتدمير أحياء بالقاهرة.
ووصف المغردون المصريون تصرف إدارة المدرسة بإطلاق هذا الاسم عليها، إما أنه استهانة بالقيم المصرية وعدم مراعاة لمشاعر المصريين، أو جهل بالتاريخ، وتساءلوا عن سر غياب السلطات ووزارة التربية والتعليم في موقف كهذا، وكيف حصلت مدرسة باسم "الجزار كليبر" كما يعرف بين المصريين على التراخيص اللازمة.
على الفور علق مدير مديرية التربية والتعليم بالإسكندرية محمد سعد في تصريحات للإعلام المحلي، بأنه "لا توجد مدرسة باسم كليبر في الإسكندرية".
وقال إنه راجع إدارة التعليم الخاص بوزارة التربية والتعليم، فلم يجد في سجلاتها مدرسة حصلت على ترخيص بهذا الاسم محذرا من التعامل معها من جانب أولياء الأمور.
وبعد موجة الجدل والغضب، أصدرت إدارة المدرسة بيانا قالت فيه: "قرأت إدارة مستثمري المدرسة على مدار الأيام الماضية كل ما ورد وقيل من قبل رواد التواصل الاجتماعي، وتعليقهم على الاسم الخاص بالمدرسة الذي أثار حفيظة وغضب المصريين".
وأضافت أنه "بناء عليه تم التواصل السريع مع الإدارة الأجنبية الخاصة بالمدرسة بفرعيها الفرنسي و الأميركي، وتوضيح كافة النقاط التي تم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي، وبفضل جهود إدارة المستثمرين والعضو المنتدب تمت الموافقة على تغيير اسم المدرسة إلى (ليسيه سترازبورغ الدولية) بدلا من (ليسيه كليبر الدولية)، ويتم تفعيل هذا القرار فورا ويسري على المدرسة القائمة بالإسكندرية وفرعيها تحت الإنشاء بمدينة الشيخ زايد في الجيزة والتجمع الخامس في القاهرة، وذلك حرصا من الإدارة على الاستماع إلى كل الشكاوى التي تستقبلها سواء صغيرة كانت أم كبيرة".
وأوضح البيان أن المدرسة "تابعة لإحدى الجاليات الأجنبية، وغير تابعة لوزارة التربية والتعليم".
لكن البيان لم يفلح في تهدئة الغضب، ورغم استحسان البعض للاستجابة، فإن هناك من وصف الأمر بأنه تحايل لأن سترازبورغ مسقط رأس كليبر، وجثته مدفونة فيها وله تمثال ضخم في أكبر ميادينها، وتساءلوا عن سر إصرار إدارة المدرسة على الارتباط به في ظل إعلانها أنها لا تتبع مدارس كليبر الدولية.
كما تساءل المغردون عن كيفية عمل تلك المدرسة في غياب سلطات الدولة، حيث أعلن بيان المدرسة أنها لا تتبع وزارة التربية والتعليم.
وقال سعد في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن وزارة التربية والتعليم تبحث القضية بكافة تفاصيلها، وإنه "حينما أعلن أنه لا توجد مدرسة بهذا الاسم فهو تحدث من واقع ما وجده في سجلات إدارة التعليم الخاص بالوزارة التي لا يوجد بها مدرسة مسجلة بهذا الاسم".
وشدد على أنه "لا يوجد ما يسمى مدرسة لا تتبع وزارة التربية والتعليم، فحتى المدارس الدولية التي لا تتبع الوزارة في مناهجها تخضع أيضا لإشرافها في العديد من الجوانب، حفظا لحقوق المواطنين المصريين"، و"لا بد أن تحصل على تصاريح بممارسة النشاط التعليمي داخل الدولة، وإلا فكل شخص ينشئ مدرسة دولية ويفعل ما يشاء داخلها بدعوى أنه لا يتبع السلطات المصرية".
وطلب موقع "سكاي نيوز عربية" توضيحا من إدارة المدرسة حول الأمر، في ظل أن الغضب لم يهدأ بعد تغيير الاسم لأنه يحمل اسم مسقط رأس كليبر، إلا أنه لم يتلق ردا.
يذكر أن المدرسة في فرعها بالإسكندرية بدأت ممارسة النشاط التعليمي الصيفي بالفعل، وتنشر مقاطع للأطفال والمدرسين ومن داخل الفصول عبر صفحتها على موقع "فيسبوك".