استقبل البساط الأحمر للدورة الـ74 لمهرجان كان السينمائي، الأربعاء، المخرج المغربي نبيل عيوش وفيلمه الجديد الموسوم بـ"علي صوتك"، وهو العمل العربي الوحيد الذي يدخل المسابقة الرسمية منافسا على السعفة الذهبية الأشهر في تاريخ السينما.
وقد وصل الثنائي نبيل وزوجته المخرجة مريم التوزاني إلى مدينة كان محملين بأجندة مزدحمة بالمواعيد، ولا يتعلق الأمر فقط بعيوش، فقد خبأت المدينة الفرنسية مفاجأة لمريم على هامش فعليات المهرجان، حيث كرمتها جمعية "سيغنيس" السينمائية الفرنسية بجائزة "كروار دي سينما".
ويبدو أن الحظ قد ابتسم كثيرا هذه السنة للزوجين نبيل ومريم، بعدما تشكل لهما علاقة خاصة مع المهرجان الذي أصبح أكثر اهتماما بكل ما يقدمه الثنائي المغربي.
وقد كان لموقع سكاي نيوز عربية مساحة من الدردشة الإعلامية مع مريم بمدينة كان، حيث تحدثنا معها عن تجربتها السينمائية وعلاقتها الفنية بزوجها كما ناقشنا معها أفكارها ومشاريعها المستقبلة وإمكانية أن نشاهدها يوما ما كمخرجة في عمل مشتركة مع نبيل.
وقد عبرت المخرجة المغربية، عن فخرها بمسار زوجها وهو يشق الطريق بحثا عن أول سعفة، إن حاز لها فسيكون أول مغربي يتوج بأرفع جوائز السينما العالمية، واعتراف بقدرة المخرج على الوصول إلى أكبر عدد من الناس عبر العالم.
وعن تجربتها المهنية مع نبيل عيوش، فقد قالت: "لدينا وجهات نظر متقاربة وأخرى متابعة وهذا هو سر العمل الجيد وهو ما يدفعنا للتفكير في أمور مختلفة، لكل واحد رؤية تجاه الأمور ولكن المهم المتعة في الكتابة حول أفكار معينة في العمل، وعندما نختلف فهو اختلاف إيجابي ويدفعنا نحو طرح المزيد من الأسئلة إنه التكامل ويثري مسارنا".
وترى مريم نفسها كمخرجة مغربية شابة، إمراه جد محظوظة بأن تكون إلى جانب نبيل، سواء كزوجة أو شريكة مشاريعه السينمائية، وأرجعت ذلك إلى إحساسها الشخصي وحبها للأعمال التي يقدمها، وقالت: "أولا أحب إنسانيته وقد أحببنا أننا نشق طريقنا معنا".
ولم تستبعد وبشكل نهائي إمكانية مشاركته إخراج أحد أفلامه يوما ما، وقالت:" لا أولية لنا لإنجاز فيلم مشترك ولكن كل شيء وارد في المستقبل".
وقد كان اللقاء فرصة لتصحح مريم بعض المعلومات التي لطالما تناولتها الصحافة، خاصة المغربية والتي تشير إلى أن فيلم "الزين اللي فيك" هو تتمة لمشروع فيلم وثائقي كانت قد أنجزته قبل أن ينتبه إليه نبيل.
وفي هذا الصدد قالت مريم: "تلك فكرة غيرة صحيحة، فالحقيقة أنه عندما كان نبيل يفكر في إنجاز فيلمه الروائي الطويل، كنت أنا في عالم أخر مشابه لإنجاز فيلم وثائقي عن ظاهرة الدعارة في المغرب، وما حدث ليس أكثر من مجرد صدفة".
ويثير مسار الثنائي عادة كثيرا من الجدل، خاصة بالنسبة للمواضيع التي يفضلون التطرق إليه، ولطالما تعرض عيوش تحديدا للانتقاد وحتى إلى منع أفلامه في المغرب بسبب إصراه على تناول المجتمع المغربي بالنقد وتسليط الضوء على الانحرافات والظواهر التي تنخر جسد المجتمع.
وهنا تقول مريم: "للأسف مجتمعنا معقد، ويعيش بتلك العقد، صحيح لدينا كثير من الأمور الجميلة التي يجب أن نسوقها للعالم، لكن لدينا الكثير من الأمور السلبية التي يجب ألا نخجل في الحديث عنها سينمائيا، وهذه أمور موجودة في كل دول العالم، كل المجتمعات بها الجيد والسلبي، ولكننا كمخرجين يجب أن نقوم بإنجاز أعمال برغبة وإحساس لسرد حكاية ولكن ليس وفق حسابات وأهواء البعض".
وعربيا ينظر إلى تواجد هذا الثنائي في كان، كخطوة مهمة للسينما المغربية التي تحاول في السنوات الأخيرة المنافسة بقوة في المحافل الدولية، وهذه الأمور ترجعها مريم إلى حجم الإرادة السياسية التي تحمل المغرب إلى أن تصبح قطب سينمائي عالمي.
وقالت مريم: "السينما المغربية تعيش حالة تطور ولديها الكثير من المواهب وهي تعيش بالتنوع في الأفكار، وهذا أمر مهم وأنا فخور لأن السينما المغربية ممثلة في كان عن طريق نبيل عيوش، هناك أمو جيدة في المغرب".
وقد انطلقت مريم في عالم الإخراج من بوابة الأفلام القصيرة والأفلام الوثائقية، وقدمت مجموعة من الأفلام عن الحياة في المغرب وفي عام 2017 مثّلت شاركت لأول مرة كمملة في فيلم غزية لنبيل عيوش، واليوم تشق طريقا جديدا كمخرجة أفلام روائية طويلة بعدما نجحت عام 2019 في دخول المسابقة الخاصة "نظرة ما" بمهرجان كان بأول عمل لها الموسوم بـ"آدم".
وترى مريم أن عالم الإخراج يجب أن يهتم بالزوايا ذات البعد الإنساني، وقالت لسكاي نيوز عربية :"يجب أن نحب الأمور وحاجتنا أولا لسرد القصص التي نحب، الحياة تستمر ويجب البحث عن الإمكانيات أولا لحكاية تلك القصص، صحيح هذه أمور غير متاحة دائما ولكنها ممكنة، من المهم جدا أن يكون هناك إحساس بالحب والرغبة لإنجاز ما نريد في السينما ".
وعلى هذا الأساس فهي لا ترى ضرورة أن لا يتقولب المخرج في بداية حياته في فئة معينة من المواضيع، كما قالت: "هذا العالم كبير جدا ولا أفكر في المواضيع التي أريد إخراجها مستقبلاً، هناك أمور أشعر بها وأكتبها، أنا دائما في حالة إحساس، والقصص الإنسانية هي التي تحركني".
وعن الرقابة في المغرب فقد أكدت مريم أنها على عكس عيوش لم تتعرض يوما للرقابة، ولكنها تعتب على بعض السينمائيين الذين يمارسون الرقابة الذاتية على أنفسهم، وقالت: "من المهم أن نكتب ما نشعر ونخرج ما نحب".
وبلا شك فإن يوم الغد، سيكون استثنائيا في تاريخ السينما المغربية بفضل هذا المخرج الذي قرر الإبحار بعيدا بأفلامه بحثا عن تلك القصص المثيرة والتي عادة ما تتردد الحكومات في الحديث عنها بصوت عالي.
وهذا الاختيار هو الذي يصنع يحجز لنبيل عيوش مكانته في المحافل السينمائية العالمية، وذلك منذ أن نشأ في ضاحية سارسيل بباريس أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات، ثم عاد إلى الدار البيضاء ليفكك المجتمع المغربي سينمائيا وذلك منذ منتصف التسعينيات، وقد انخرط في معالجة التطرف الديني والانحراف، ومرت أول أفلامه على مهرجان كان في فئة "نظرة ما" عام 2012 بفيلم "يا خيل الله" الذي أثار به موجة من الجدل، وعاد لاحقا بفيلم "الزين اللي فيك" في مسابقة "لاكنزان" عام 2015.