بحسرة شديدة استقبل الصحفيون في مصر قرار إيقاف النسخ الورقية للصحف المسائية الحكومية، اعتبارا من منتصف شهر يوليو الجاري، وتحويلها إلى منصات إلكترونية.

وشكّل القرار صدمة داخل الوسط الإعلامي المصري، أعادت للواجهة الحديث حول مستقبل الصحافة الورقية، في ضوء التحديات التي تواجهها، بدءا من ارتفاع تكاليف الإصدار ومرورا بالمنافسة القوية مع الإصدارات الإلكترونية، وقوة تأثير مواقع التواصل الاجتماعي.

القرار الذي أصدرته الهيئة الوطنية للصحافة، وهي هيئة مستقلة تقوم على إدارة المؤسسات الصحفية المملوكة للدولة وتطويرها، في ختام اجتماعها المنعقد الأحد، تضمن الموافقة على تحويل إصدارات الأهرام المسائي (الصادر عن مؤسسة الأهرام)، والأخبار المسائي (الصادر عن مؤسسة أخبار اليوم)، والمساء (الصادرة عن مؤسسة دار التحرير للطبع والنشر)، إلى إصدارات إلكترونية.

أخبار ذات صلة

المجلس الأعلى للإعلام يحسم جدل "أبو عمر المصري"
مشهدان متناقضان.. السودان أمام اختبار "الحريات" الصعب

وتعددت التعليقات عبر مواقع التواصل حول القرار، الذي جسّد "المأزق الخطير" الذي تواجهه الصحافة الورقية عموما، مما كان عاملا لطرح مقترحات ورؤى مختلفة -من خلال التعليقات- من أجل "إنقاذ" وتطوير الصحافة الورقية، كي تستطيع المنافسة.

وكيل أول نقابة الصحفيين في مصر جمال عبد الرحيم، دون تعليقا على القرار قال فيه: "يبدو أن تاريخ الصحافة الورقية المصرية العريق، الذي يزيد على مائتي عام، لم يشفع لها عند الزملاء والأصدقاء بالهيئة الوطنية للصحافة".

وتابع: "أعلم أن الصحافة الورقية في مأزق خطير. بالأمس كانت رائدة تبدع وتبتكر وتنتج وتؤثر في الرأي العام المصري والعربي، واليوم صارت تصارع من أجل البقاء بسبب التطور التكنولوجي وارتفاع أسعار الورق ومواد الطباعة والأزمات الاقتصادية، الأمر الذي أدى إلى تراجع أرقام التوزيع بصورة غير مسبوقة. ورغم تلك الأزمات فإن إغلاق الإصدار الورقي لتلك الصحف العريقة أمر محزن وخسارة فادحة للصحافة المصرية والعربية".

واختتم حديثه قائلا: "أتمنى الحفاظ على الصحف الورقية ودعمها اقتصاديا وتطويرها مهنيا لمجاراة الصحافة الإلكترونية، عن طريق الاهتمام بما وراء الخبر من تحليل ومتابعات وحوارات وآراء، وعقد دورات تدريبية لشباب الصحفيين لتطوير أدائهم المهني. أعتقد أن الصحافة الورقية لن تموت ولن تندثر".

وتأسست صحيفة المساء التي شملها القرار عام 1956، وتعتبر أول جريدة مسائية في العصر الجمهوري بمصر، فيما تأسست الأهرام المسائي عام 1991 عن مؤسسة الأهرام، تزامنا مع الأيام الأولى لحرب الخليج.

وفي الوقت الذي وصف به عضو مجلس نقابة الصحفيين محمود كامل، خبر وقف النسخة الورقية من هذه الإصدارات بـ"المؤسف"، تحدثت رئيس التحرير التنفيذي لموقع "البوابة نيوز" داليا عبد الرحيم عن "أزمات عالمية تعانيها الصحافة الورقية، نظرا لسرعة انتشار وتأثير (الديجيتال) وانحسار تأثير الورقي".

رثاء

كما كتب الصحفي أسامة العنيزي منشور "رثاء" للإصدارات الثلاثة، قال فيه: "الصحفي -أي صحفي- لا بد أن يحزن على هذه النهاية ويعتذر لتلك المطبوعات، لأننا  خذلناها بضعفنا وعدم قدرتنا على الدفاع عنها، وسلمنا مصيرها لمن لا يدرك معنى كلمة صحافة، ويتعامل مع المهنة بمقياس المكسب والخسارة".

أحوال الصحافة

فيما استغل آخرون اللغط الذي أثير حول القرار للحديث عن ما وصفوه بأسباب "تدهور الصحافة"، فكتب الصحفي محمد منصور مرجعا الأمر إلى "غياب الأساتذة الكبار"، مشيرا إلى أن "غياب الأساتذة في مهنتنا، لسبب أو لآخر، جعل أرباع الصحفيين يتولوا مراكز قيادية. شخص لا يعرف أي شيء عن العمل الصحفي لأنه لم يتعلم أصول المهنة، وينظّر على مرؤوسيه ويقول له افعل كذا وكذا لجلب القراء وتحقيق المشاهدات، طبيعي أن يكون هذا هو المستوى".

وقال الصحفي محسن عبد الراضي، متحدثا عن أسباب تراجع الصحف الورقة أيضا: "أضف إلى ذلك ثقافة الاستسهال والنقل، والاعتماد على مواقع التواصل وعدم المتابعة".

بينما حرص عدد من الصحفيين، عبر تدوينات متفرقة بمنصات التواصل الاجتماعي، على رصد ذكرياتهم مع تلك الصحف التي تودع جمهورها عبر الإصدار الورقي، وتكتفي بالإلكتروني.