تحتفل الجزائر بمرور 59 سنة على استقلالها (5 يوليو 1962)، وبقدر ما يعد التاريخ مفخرة لجيل ثورة المليون ونصف المليون شهيد، بقدر ما يعد بداية لمرحلة بناء دولة تعاقبت عليها ثلاثة أجيال.

أخبار ذات صلة

غضب الإخوان والاقتصاد.. "صداع" يؤرق حكومة الجزائر الجديدة

ويُعتبر السياسي الشاب عزيز عبد القادر، 26 سنة، أحد أبناء جيل الجزائر اليوم، وقد تم انتخابه في تشريعيات 12 يونيو، ليكون من بين أصغر السياسيين الذين يستعدون للجلوس على مقاعد البرلمان لخمسة سنوات.

وينظر عزيز لنفسه كواحد من جيل حراك 22

يناير 2019، الذي خرج للشارع قبل عامين، مثله مثل ملايين الجزائريين للتعبير عن حالة الغصب والاحتقان الذي وصل إليه الشعب بعد نصف قرن من الاستقلال.

في المقابل، تنظر الدولة إليه كخطوة جادة لإعلان تسليم جيل الثورة لمشعل السلطة.

وبين هذا الرأي وذاك، يؤكد النائب البرلماني الشاب لموقع "سكاي نيوز عربية" أن خروج جيل الحراك إلى الشارع، ليس أكثر من إحساس الشعب بالقهر بعد تكرار صور الفساد التي توغلت في كل مؤسسات الدولـة وباتت تهدد كرامته كمواطن.

وقال عزيز: "خرجنا ضد القوى غير الدستورية التي كانت تنهب خيرات البلاد وفتحت الأبواب أمام الأوليغارشية لتتوغل في الاقتصاد".

ويبدو أن للجزائر اليوم جيلا جديدا، لم يعش ثورة التحرير ولم يعش مأساة العشرية السوداء، لهذا لم يردعه التخويف بتكرار سيناريو التسعينيات، وخرج بكل عفويته ليعبر عن رأيه في سنوات حكم بوتفليقة وما رافقها بعد الاستقلال من صرعات على السلطة بين رفقاء الكفاح.

جيل الثورة والمناصب

وتحيلنا كلمات عزيز إلى مرحلة مهمة من تاريخ الجزائر وكيف وقع جيل الثورة بعد الاستقلال في شباك خلافات استمرت لعقود، وهي خلافات أحيت في جوهرها مسألة أولوية العسكري على السياسي أو العكس.

َومن الناحية التاريخية فإن القصد بجيل الثورة، المجموعة التي قادت الثورة أو حرب التحرير نحو الاستقلال، وهي ثورة ذات طابع شعبي تختلف عن بعض الحروب والثورات.

وحسب الباحث الجزائري بوزيد بومدين فإن جيل الثورة ظل يتسم بالخصائص التاريخية التي أعطته أحقية تولي المناصب العليا وتسيير شؤون البلاد لعقود من الزمن.

وقال بومدين لموقع "سكاي نيوز عربية" إن جيل الثورة كسب شرعيته منذ مقاومة القرن التاسع عشر ضد الاستعمار.

وأوضح بوزيد أن أبرز ما يميز جيل الثورة كونه تربى في مدرسة الحركة الوطنية ومدارس جمعية العلماء فجمع الإيمان بالاستقلال كمصير تاريخي والاعتماد على القوة الدينية كروح ثورية تتجذر في الأوساط الشعبية، رغم التوجه الليبرالي واليساري الشيوعي لبعض القيادات.

ويرى الباحثون أن جيل الثورة استطاع أن يحدث التغيير في بعض المراحل التاريخية لكنه اعتمد في الحكم بعد الاستقلال على (الشرعية الثورية) وليس الشرعية الديمقراطية وهو ما جعله يعيش شيخوخة سياسية وعجز في الانتقال الديمقراطي من خلال اعتماده على جهاز جبهة التحرير الوطني كأداة وحيدة للحكم لم تتزحزح رغم دخول البلاد عصر التعددية الحزبية عام 1989.

لا صراع والتكامل هو الحل

أخبار ذات صلة

بسبب كورونا.. الجزائر تودّع 3 قامات ثقافية في يوم واحد

وبالتزامن مع إحياء ذكرى الاستقلال وهو العيد الذي تطلق عليه الجزائر اسم "عيد الاستقلال والشباب" يرتفع خطاب ضرورة تسليم المشعل للشباب، وهو الأمر الذي يرى فيه البعض ضرورة حل حزب جبهة التحرير الوطني الذي يعد الوعاء الأكبر لجيل الثورة.

ويخلص المناضل السياسي عبد الرحمان بلعياط، الذي يعتبر أحد أبرز القيادات من جيل الثورة والذي ينتمي إلى حزب جبهة التحرير الوطني، إلى أن صراع الأجيال في الجزائر وصل اليوم إلى منعرجه الأخير بفضل الحراك.

وقال بلعياط لموقع "سكاي نيوز عربية": "لقد أدركت القيادات القديمة ضرورة التواصل مع الجيل الجديد من الشباب مع الاستفادة من خبرة الجيل القديم".

وأكد بعياط أن جيل الثورة يجب أن يكون حاضرا في السلطة من أجل ألا يكون هناك تيهان للدولة، معتبرا أن مبدأ التداول على السلطة ثابت وليس متغيرا جديدا، كما قال: " لقد أفرزنا عددا من القيادات الشابة التي حاولت تقديم خارطة طريقة جديدة".

وأوضح: "لا يوجد تشنج لدى القيادات الثورية تجاه من هم أقل منهم سنا والجزائر بحاجة إلى التكامل وتبادل الخبرات والقوة الحقيقة في الوحدة والوطنية وليس صراع الأجيال".