أنصفت المحكمة الإدارية بالرباط الكاتب والمفكر المغربي سعيد ناشيد، وانتصرت لحقه في ممارسة مهنة التدريس، وذلك بإيقاف القرار التعسفي الذي اتخذه وزير التربية الوطنية، سعيد أمزازي، وهو القرار الذي تم توقيعه من طرف رئيس الحكومة المغربي سعد الدين العثماني.

وقضت المحكمة بإيقاف تنفيذ قرار عزل ناشيد، وصرف راتبه الشهري فورا ودون تأخير، وهو ما يؤكد ما كان يقوله المفكر المغربي من أنه كان ضحية مؤامرة إدارية.

وقال ناشيد إن ما تعرض له من أذى دفعه إلى مغادرة المغرب والتوجه إلى دولة الإمارات العربية المتحدة للعيش والعمل هناك بعدما أغلقت في وجهه جميع الأبواب، لدرجة أنه أصبح"عرضة للتسول"، كما عبر عن ذلك بمرارة كبيرة في تدوينة له عبر "فيسبوك"

وانتشرت كلمات المفكر المغربي كالنار في الهشيم، ودفعت بالكثيرين من المغرب وخارجه إلى إعلان تضامنهم معه، والتعبير عن رفضهم لهذا القرار السافر، وللشطط في استعمال السلطة.

تعليق ناشيد

وعقب صدور هذا الحكم المنصف، عبر الكاتب المغربي سعيد ناشيد عن تقديره للقضاء المغربي الذي أنصفه، وللذين دعموه ودافعوا عن قضيته.

وقال في تدوينة له على فيسبوك: "تحية إكبار للقضاء المغربي الذي كان في الموعد، تحية إكبار لفريق الدفاع الذي ينسقه الأستاذ الكريم محمد الهيني والذي عمل باحترافية عالية، تحية إكبار للجنة الدعم التي تشكلت من أبرز الأطر والمثقفين المغاربة، تحية إكبار للرأي العام الوطني والدولي، تحية إكبار لكل المؤسسات الثقافية والإعلامية والأكاديمية العربية والدولية التي وفرت لي ظروفا إنسانية كريمة خلال فترة المعركة (...)".

أخبار ذات صلة

بقرار حكومي.. فصل المفكر المغربي سعيد ناشيد من وظيفته
6 أعمال بالقائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد للكتاب

وخلص صاحب كتاب "التداوي بالفلسفة" إلى أن العبرة من كل هذا أن "أتابع مشروعي في الفلسفة العملية والإصلاح الديني بنفس أكبر"، وهذا بالفعل ما يقوم به لأنه قبل أيام أعلن عن صدور طبعة عراقية منقحة لكتابه "قلق في العقيدة"، وعن مواصلة مشروعه الفكري التنويري القائم على إشاعة فكر التنوير والإصلاح الديني، ومحاربة الإسلام السياسي.

ردود فعل 

ومثلما لقيت تدوينته الأولى التي رفع فيها تظلمه انتشارا واسعا، لقيت تدوينته الأخيرة انتشارا كبيرا، ومباركة من طرف العديد من المثقفين والكتاب ورواد مواقع التواصل الاجتماعي، الذين حيوا القضاء المغربي على نزاهته، وطالبوا بالحد من الشطط في استعمال السلطة.

وقال الكاتب جمال أكاديري في صفحة ناشيد: "مبروك آسي ناشيد ... يحيا العدل الصديق سعيد ناشيد انتصر على خصومه المؤدلجين وحلفائهم مع رد الاعتبار لعطائه التعليمي الوظيفي أمام القضاء الإداري بالرباط. قضاء المحكمة الإدارية بالرباط حكم بإيقاف تنفيذ قرار عزله وصرف أجرته الشهرية فورا".

تجدر الإشارة إلى أن الكاتب سعيد ناشيد ذكر في تصريح سابق لـموقع "سكاي نيوز عربية" أنه تعرض للكثير من المضايقات لما يزيد عن ثماني سنوات، وأن ما يكتبه يزعج بكل تأكيد حزب "العدالة والتنمية"، الذي يعد رئيس الحكومة أمينا عاما له.

وأكد المفكر المغربي أن كل القرائن لصالحه، ولم يسبق أن تلقى أي إنذار أو توبيخ، وأدى عمله بكل أمانة، ولما عجز عن ذلك لظروفه الصحية قدم ما يثبت ذلك بشواهد طبية مصادق عليها من اللجنة الطبية المختصة في الموضوع، ولكن لم يتم الاهتمام بكل ذلك.

وقال ناشيد: "تم استدعائي السنة الماضية من طرف المدير الإقليمي لمدينة سطات، بحضور أحد المسؤولين في حزب "العدالة والتنمية" خارج إطار القانون".

وأضاف "قال لي المسؤول بالحرف إذا كنت مريضا فيجب ألا تكتب، يجب أن تشرب الدواء وتخلد للنوم".

وهو ما لم يقبله ناشيد وراسل وزير التعليم للتحقيق في هذا الأمر، ولكن الأمور بقيت على حالها.

ويعد الكاتب سعيد ناشيد، أحد أبرز الباحثين والمفكرين المغاربة اشتغالا على التراث والموروث الديني والفقهي، وله إسهامات بحثية وعلمية دالة في هذا الصدد.

كما يرأس "مركز ناشيد من أجل مجتمع متنور"، وهو عضو "رابطة العقلانيين العرب"، ومن إصداراته: "قلق في العقيدة" 2011، و"الحداثة والقرآن" 2017، و"دليل التدين العاقل" 2017، و"رسائل في التنوير العمومي" 2018، و"التداوي بالفلسفة" 2018، و"الطمأنينة الفلسفية" 2019، و"الوجود والعزاء: الفلسفة في مواجهة خيبات الأمل" 2020.