في سابقة من نوعها، استطاع 25 شابا وشابا يمثلون مختلف جهات المملكة المغربية، إنشاء 25 مشروعا صديقا للبيئة لإنقاذ مناطق نائية من خطر النفايات، وذلك في إطار مخيم تدريبي للشباب البيئي بمنطقة أيت أورير ضواحي مدينة مراكش جنوبي المملكة.
ويشارك في هذا المخيم التدريبي، المنظم بمبادرة من "جمعیة المستقبل الأوراش والتنمية" في الفترة مابين 26 و30 مايو الجاري، شباب يمثلون جمعیات المجتمع المدني من مختلف ربوع المملكة.
ويهدف إلى وضع هؤلاء الشباب في صلب إشكالیة تدبیر النفایات وحثھم على ابتكار حلول تقلل من الأثر والخطر البیئي للنفایات.
مبادرات طموحة
وحسب تصريح بعض هؤلاء الشباب لـ"سكاي نيوز عربية"، فإن المخيم التدريبي يهدف أيضا إلى توفير فرص شغل من خلال إنشاء مبادرات مقاولاتیة خاصة بتدویر النفايات وإعادة استعمالھا، من خلال عدة تكوینات في المجال المقاولاتي ومجال تدبیر وإعادة تدویر النفایات.
وفي هذا الصدد، يقول كمال أكايا، رئيس جمعية المستقبل للأوراش والتنمية، لـ "سكاي نيوز عربية"، إن هذا المخيم التدريبي تمرة نتاج عمل على مشروع يتعلق بإنجاز تشخيص على المشاكل البيئية التي تشهدها مناطق بأيت أورير أو بأحياء إقليم الحوز.
ويضيف أكايا أن "هذه العملية أسفرت عن اكتشاف تحديات بيئية مستقبلية في مقدمتها مشكل النفايات، ولهذا قررت الجمعية الاشتغال على موضوع النفايات، وذلك بالقيام بدراسات ميدانية في عدد من المناطق، والانفتاح على تجارب مبادرات من أجل الاستفادة منها".
وتابع: "الشباب والشابات المنخرطون في هذه المشاريع سينكبون في المراحل الأولى على طرح مجموعة من الأفكار والمبادرات البيئية بعد تزويدهم بمعطيات حول وضعية أيت أورير".
النفايات مجال للاستثمار
وأبرز رئيس جمعية المستقبل للأوراش والتنمية أنه "جرى العمل في هذا المخيم التدريبي على الجمع بين ما هو بيئي ومقاولاتي بهدف تغيير نظرة المواطنين والفاعلين المدنيين والشباب تجاه هذه النفايات، وذلك بتوضيح أن تلك النفايات يمكن أن تصبح مجالا للاستثمار وتشجيع وخلق فرص للشغل، كما يمكن أن يكون لها تأثير مجتمعي واقتصادي اجتماعي وبيئي في الوقت نفسه".
ويشير المتحدث نفسه إلى أن "هذا المخيم التدريبي سيشكل فرصة لمحاولة المزج بين الحس المقاولاتي والبيئي للشباب، من خلال إيجاد الحلول مشتركة لها تأثيرها على المستوى البيئي من خلال الحفاظ على البيئة، ثم إيجاد حل أو حلول للنفايات وتحسين الوضعية الاجتماعية وتوفير فرص الشغل ومشاريع مدرة للدخل للشباب و للتعاونيات، خاصة بالنسبة إلى النساء اللواتي بإمكانهن الاشتغال بهاته التعاونيات لضمان مورد رزق".
من جانب آخر، يؤكد الفاعل الجمعوي ذاته أن "المستفيدين من هذا المخيم التدريبي لديهم أفكار ومبادرات ومقترحات وتوصيات تساعد الجمعية على تناول موضوع النفايات، الذي ستشتغل عليه الجمعية مباشرة بعد نهاية المخيم التدريبي".
ويفيد أكايا أن الجمعية "ستعمل أيضا على صياغة مجموعة من التوصيات والمقترحات والمشاريع للمجلس البلدي والترافع عنها من أجل تحقيق جزء منها"، مشددا على ضرورة العمل على "إيجاد حلول بديلة لمشكل النفايات الذي يعتبر مسؤولية مشتركة"، داعيا جميع الفاعلين إلى الانخراط من أجل تجاوز كل الإكراهات التي تتسبب فيها النفايات من قبيل الإضرار بصحة المواطنين".
الشباب مفتاح الحلول
من جهة أخرى، صرحت أميمة خليل الفن، باحثة في مجال البيئية والتنمية المستدامة، لـ"سكاي نيوز عربية"، أن تنظيم هذه الدورة التدريبية جاءت بعد دراسة ميدانية كشفت عن معاناة مدينة أيت أورير مدة طويلة من مشكل النفايات.
وتضيف الفن أنه "من خلال الوقوف على إشكالية النفايات تقرر إدماج هؤلاء الشباب وانخراطهم ووضعهم في صلب هذا المشكل، وجعلهم يطرحون الأفكار والمشاريع الصديقة للبيئة وحثهم على أهميتها في أن تصبح مورد دخل ومجال اشتغال هؤلاء الشباب، الذين من خلال عملهم المشترك سيتمكنون من مواجهة تحدي النفايات الذي بات يؤرق سكان المنطقة ذاتها، وعدد من المناطق النائية".
وتؤكد المتحدثة ذاتها على أهمية الشباب باعتباره مفتاح الحلول للمشاكل البيئية، وذلك بطرح مجموعة من الأفكار والمبادرات والمشاريع البيئية البالغة الأهمية التي سيكون لها وقع إيجابي بمجرد تنزيلها على أرض الواقع".
وتكشف الخبيرة البيئية أنه "بحسب بیانات بلدیة أیت أوریر، فإنه في عام 2019 تجاوزت النفایات المنزلیة 2 ملیون طن، حيث یتم إنتاج ما بین 20 و30 طن یومیا من النفایات المختلطة والتي یتم نقلھا مباشرة للمطرح الجماعي المتواجد بواد الزات أو تنقل لمدینة مراكش الشيء الذي یكلف المجلس البلدي میزانیة مھمة تتراوح ما بین 2.8 و3 ملیون درھم كل سنة".
الوعي البيئي
وتقول الفن إنه وفقا للمذكرة التقديمية للمخيم التدريبي للشباب البيئي، فإن تفاقم مشكلة النفایات یوما بعد یوم يشكل عبأ ثقیلا على كاھل المجالس والجماعات والبلدیات التي تقف عاجزة عن معالجتھا في الكثیر من الحالات.
وتضيف المذكرة أن أي برنامج لإدارة النفایات المنزلیة یجب أن یأخذ بعین الاعتبار دور الوعي البیئي لدى المواطنین من ناحیتین: الأولى دوره في التقلیل من كمیة النفایات المتولدة من خلال تحسین سلوكیاته وعاداته الغذائیة، والثانیة من خلال العمل على تعزیز دوره في المساھمة في علمیات الفرز والتدویر واستعداده لشراء السلع المدورة، مما یساھم في تخفیف التكالیف، وبالتالي تحسین مستوى التدبیر والاستفادة من النفایات والوصول إلى بیئة أفضل".
يشار إلى أن هذا المخيم الشبابي، شهد خلال اليومين الأخيرين، زيارة من طرف لورانس راندولف، القنصل العام للولايات المتحدة بالدارالبيضاء الذي اطلع بمدينة أيت أورير بإقليم الحوز، على تلك المشاريع والبرامج البيئة الطموحة.