اعترفت الكاتبة عبير سليمان، في حوارها مع موقع "سكاي نيوز عربية"، في الخامس والعشرين من أبريل الجاري، بأن مسلسل "ملوك الجدعنة"، مُستلهم من الفيلم الشهير "سلام يا صاحبي" (إنتاج 1987)، بطولة عادل إمام وسعيد صالح.
وأشارت إلى أنها وأسرة المسلسل كان ينبغي عليهم الاعتذار من المخرج رضوان الكاشف والكاتب سامي السيوي، بعد اعتدائهم جميعاً على حقوق فيلم "ليه يا بنفسج" (إنتاج 1993)، ليس لأنه يتناول مأساة ثلاثة من الأصدقاء هم: أحمد (فاروق الفيشاوي) وعباس (نجاح الموجي) وسيد (أشرف عبد الباقي)، يقطنون حارة شعبية، ويتقاسمون الفقر، كآلاف غيرهم.
بل لأن "ليه يا بنفسج"، هو مُبدع شخصية "علي بوبي" (جسد الشخصية شوقي شامخ) صديقهم الذي هجر الحارة، وتورط في أعمال غير مشروعة، وعاد للحارة مرتين؛ الأولى ليلتقي الأصدقاء، وفِي الثانية قتيلاً، وهي نفسها شخصية "علي العجمي" التي جسدها حسن الرداد في "ملوك الجدعنة" وبُنيت عليها الأحداث؛ عندما عاد إلى الحارة، بعد 4 سنوات، وهو في عجلة من أمره، ائتمن صديقيه أحمد عبد القادر "سرية" (عمرو سعد) وأحمد عبد الظاهر "سفينة" (مصطفى شعبان)، على حقيبة، وأقرضاه 5 آلاف جنيه وطالبهما، وهو يردد مقولته: "التفكير في اللي ضاع مايجيبش غير صداع"، بأن يأخذا الحقيبة، في حال عدم عودته، وباختفائه شك الصديقان في موته واستوليا على ما في الحقيبة من ألماس، ما تسبب في إثارة حفيظة رجل الأعمال "زاهي العتال"(عمرو عبد الجليل) صاحب الحقيبة، وتجييشه رجاله، بقيادة "مجدي" (أحمد صفوت) ضدهما، وإحالة حياتهما جحيماً.
يشار إلى أن الفيلم كتبته عبير سليمان مع أمين جمال، وهو من إخراج أحمد خالد موسى، وإنتاج صادق أنور صباح.
بالطبع أضافت عبير سليمان وأمين جمال، شريكها في الكتابة، بعض الرتوش؛ مثل غزو الصين للسوق المصرية، ما تسبب في كساد تجارة "عم حكم" (يوسف شعبان)، صاحب ورشة نفخ الزجاج، والتماهي بين أباطرتهم (الباشا عمرو عبد الجليل وقبضة بطشه أحمد صفوت)، وأشرار "سلام يا صاحبي" (الباشا محمد الدفراوي وذراعه أحمد لوكسر)، لكن العجيب أن التأثر كان كبيراً بفيلم "ليه يا بنفسج"، لدرجة أن عمة "أحمد" (فاروق الفيشاوي) في الفيلم، كانت تمتلك "عربة كبده"، وفِي المسلسل تمتلك "عطية" (دلال عبد العزيز)، أم سريه" (عمرو سعد)، عربة كبده أيضاً!
أما النقطة الأكثر إثارة فتتمثل في أن "ليه يا بنفسج" و"ملوك الجدعنة" وضع الموسيقى التصويرية لهما الموسيقار ياسر عبد الرحمن!
الأهم أن "ليه يا بنفسج" و"سلام يا صاحبي" الذي قالت المؤلفة إن "ملوك الجدعنة" هو "معالجة عصرية" له، انطلقا من أساس واحد، وهو تثمين رابطة "الصداقة" كقيمة أخلاقية وكعلاقة إنسانية راقية ومتحضرة، قادرة على دحر قوة رأس المال والنفوذ والسلطة.
لكن "ملوك الجدعنة" انحدر بقوة بدلاً من تمجيد الصداقة، إلى عالم سفلي، قوامه البذاءة والبلطجة والحوار المُبتذل، حتى لو قيل إنه يعكس واقعاً متردياً نعيشه في هذا الزمن الرديء؛ فالواقع القبيح لا يعني، بالضرورة، محاكاة قبحه وبلطجته وعنفه، على الشاشة.
كما أن استدرار دموع المشاهدين لا يتأتى بانتهاك حُرمة الموت، كما جرى في مشهد الطفلة "حبيبة" (كارما موسى)، والواقعية لا تعني بالتبعية أن يقذف المسلسل في وجوهنا بشخصيات قبيحة وغليظة تُمارس البلطجة شكلاً وأداءً؛ مثل: "عنتر"(وليد فواز) و"ناصر"(أحمد كشك)، وتكرس صورة زائفة لرجال الأعمال أو تصورهم بوصفهم "أهل الشر"، هم وأبناؤهم.
ولولا بعض المشاهد الاستهلالية الرائعة (مدير التصوير محمود بشير)، لانضم مسلسل "ملوك الجدعنة" إلى قائمة الأعمال التي تشهد تراجعاً في مسيرة المخرج أحمد خالد موسى، مثل: فيلم "لص بغداد" ومسلسلات "الحصان الأسود" و"هروب اضطراري"(بطولة أحمد السقا)، "الميزان"(غادة عادل)، مقارنة ببصماته الرائعة في مسلسل "أبو عمر المصري" و"بعد البداية" (طارق لطفي) و"من الجاني؟"(إياد نصار).