لا أعتقد أن المشهد في الحلقة رقم 12 من مسلسل "موسى" الذي أثار كل تلك المساحات الغاضبة، ومن المنتظر أن يصل أيضا إلى ساحة القضاء، هو فقط المشكلة.
تركيبة محمد رمضان الشخصية هي المشكلة؛ حيث أنها باتت تدفعه للتورط في عدد كبير من المعارك المجانية التي يدفع ثمنها مضاعفا. لا يعرف أبدا فضيلة الاعتذار عن ارتكاب الخطأ، ولكنه يُمعن أكثر فأكثر في ارتكابها، ومع مرور الزمن تصبح خطايا.
بعيدا عن احتمالات الإدانة القانونية في واقعة تقديم شخصية إسماعيل ياسين، خاصة وأنه كما هو واضح من دفاع محمد رمضان والمخرج محمد سلامة أن المشهد يقدم شخصا يدّعي أنه إسماعيل ياسين، ولأن "موسى" الشخصية الدرامية ليس لديه أية معرفة مسبقة أساسا بالسينما وبالتالي لا يعرف إسماعيل ياسين، فهو أيضا ولأول مرة يراه، فتلك هي الحيلة الدرامية التي انتهوا إليها، وهي من الممكن أن تبرئ ساحة الجميع أمام القضاء.
كان لدى كاتب السيناريو ناصر عبد الرحمن قطعا العديد من الاختيارات الأجمل دراميا للتعبير عن المعنى، بدلا من هذا المشهد الذي يسيء إلى فنان كبير يعشقه الجمهور ولا يزالون يزدادون عشقا وتعلقا به.
الأطفال انتقل حب إسماعيل ياسين إليهم وكأنها "جينات" يتوارثونها من جيل إلى آخر.. فنحن نتحدث عن قرابة 80 عاما .
ولا أستبعد أن المشهد الذي أثار كل هذه الضجة ربما كان من اقتراح محمد رمضان، وهو لا ينفي أبدا في كل أحاديثه أنه يشارك في الإضافة الدرامية، ولديه سجل حافل في مواقف مماثلة أدى العديد منها إلى مشاكل.
بل سبق وأن تقدم الكاتب عبد الرحيم كمال إلى نقابة السينمائيين بشكوى قبل بضعة سنوات بسبب أن رمضان تدخل في السيناريو وأضاف وحذف الكثير من مسلسل "زلزال".
تركيبة رمضان النفسية دفعته للإقدام على ارتكاب العديد من الأخطاء المماثلة، وليست فقط الدرامية، وإلى أن يزيد من مساحة الخصومة مع الطيار الراحل أشرف أبو اليسر، وينشر فيديو تمثيلي له وهو يلقي بأموال في حمام السباحة، ردا على خسارته في قضية تعويض الطيار وإلزامه بدفع 6 ملايين جنيه مصري.
القدر أيضا لعب دورا في زيادة مساحة الغضب، ليرحل الطيار بينما القضية لا تزال ساخنة أمام المحاكم وأيضا في ذاكرة الناس، ويصبح الموت قهرا هو العنوان الذي يتكرر مع اسم رمضان والطيار.
تركيبة رمضان تحركه لكي يصل إلى أبعد نقطة بل يتجاوزها أيضا، عندما تنتقده مثلا وهو يلتقط صورا له في طائرة خاصة، يعيد نشر الصورة بل يحرص على أن تُلتقط له صور أخرى مع عدد أكبر من الطائرات والسيارات الفارهة، مبررا ذلك بأنه يداعب جمهوره ويقدم له رسائل مباشرة ومتعددة، تؤكد أن كل الأحلام ممكنة.
ولم يسأل لماذا لم نر كبار نجومنا على مدى التاريخ وهم يفعلون مثله؟.. عبد الوهاب حمل لقب مطرب الملوك والأمراء، بينما فريد كان في الواقع يحمل لقب أمير.
هل رأيت مرة أحدهما يتفاخر بثرائه أو بالطائرة الخاصة التي يستقلها؟!، من المؤكد أنهم فعلوها عشرات المرات، لكن هناك شيئا دائما يضبط ردود فعل كبار النجوم، وهو توقع رد فعل الجمهور، الذي من الممكن أن يتخذ موقفا عدائيا من نجمه المفضل، لو رأى سلوكا ما يجرح صورته الذهنية.
رمضان على العكس، يرى أن تلك الصورة التي يحرص على ذيوعها هي التي أهلته لتلك المكانة، وأن جمهوره وأغلبهم من الشباب يحلمون بضربة حظ تحيلهم في لحظات للقمة، وأنه يقدم لهم رسالة مباشرة مفادها أنه "من الممكن أن تكونوا فقراء مثلي، وفي لحظات تصبحون من الأثرياء".
الرغبة في تحقيق "التريند" تصبح هي الهدف، فهو ابن زمن "التريند". الكابوس الذي يخشاه هو أن يصحو ولا يجد نفسه يحتل المركز الأول على السوشيال ميديا.. لا تعنيه قطعا الوسيلة، ولديه قناعة بأن الناس تنساها بعد لحظات، ويتذكرون فقط أن نجمهم لا يزال الأول، واسمه الأكثر ترديدا، وكل موقف أو اختيار أو رأي يدلي به رمضان يحاول أن يصل به إلى تلك الذروة الدعائية، سواء كانت تحمل إعجابا أو استهجانا. هذه المرة دخل على الخط مع عشاق إسماعيل ياسين وهم كُثر، فكان لا بد من ثمن.
لا أنكر بالمناسبة أن رمضان ممثل موهوب، رغم أن هذا الرأي يغضب قطاعا لا بأس به من القراء، يرون عكس ذلك، لكن تلك هي قناعتي.
هو قطعا يحتاج إلى تغيير جذري في توجيه العقل الذي يدير الموهبة، من الممكن أن يصيب مرة، إلا أنه يخيب عشرات المرة وآخرها السخرية من إسماعيل ياسين.